قلت : الزمخشريُّ مَنْزَعُه في هذا ما قدَّمْتُه عنه في أواخرِ سورةِ البقرة عند قوله ﴿ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ﴾ فليُراجَعْ ثمة. وأمَّا قولُ الشيخ :" ما [ في الدار ] مِنْ رجال، إنَّ النفي مَنسَحِبٌ على رُتَبِ الجمعِ " ففيه خلافٌ للناسِ ونَظَرٌ. والتحقيقُ ما ذكره. والضمير في " فوقهم " يجوزُ أَنْ يعودَ على المَلَك ؛ لأنه بمعنى الجمع كما تقدَّم، وأَنْ يعودَ على الحامِلينَ الثمانيةِ. وقيل : يعود على جمع العالَمِ، أي : إن الملائكةَ تحملُ عَرْشَ اللَّهِ تعالى فوق العالَمِ كلِّه.
قوله :﴿ ثمانيةٌ ﴾ أَبْهم اللهُ تعالى هذا العددَ، فلم يَذْكُرْ له تمييزاً فقيل : تقديرُه ثمانية أشخاصٍ. وقيل : ثمانيةُ صُنوفٍ.
يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (١٨)
قوله :﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ ﴾ :" تُعْرَضُون " هو جوابُ " إذا " مِنْ قولِه " فإذا نُفِخَ "، قاله الشيخ. وفيه نظرٌ، بل جوابُها ما تقدَّم مِنْ قولِه " وقَعَتِ الواقعة " و " تُعْرَضُون " على هذا مستأنفٌ.
قوله :﴿ لاَ تخفى ﴾ قرأ الأخَوان بالياءِ مِنْ تحتُ ؛ لأن التأنيثَ مجازيٌّ، وللفصل أيضاً، وهما على أصلِهما في إمالةِ الألفِ. والباقون " لا تَخْفى " بالتاءِ مِنْ فوقُ للتأنيثِ اللفظيِّ، والفتحُ وهو الأصلُ.
قوله :﴿ وَاهِيَةٌ ﴾، أي : ضعيفة. يقال : وَهَى الشيءُ يَهِي وَهْياً، أي : ضَعُف ووهَى السِّقاءُ : انخرق. قال :
٤٣١٩ خَلِّ سبيلَ مَنْ وَهَى سِقاؤُهُ | ومَنْ هُرِيْقَ بالفَلاةِ ماؤُه |
وقوله :
﴿ أَرْجَآئِهَآ ﴾، أي : جوانُبها ونواحيها. واحِدُها : رَجا بالقصر، يُكتب الألف عكسَ رمى، لقولهم رَجَوان قال :
٤٣٢٠ فلا يُرْمَى بِيَ الرَّجَوانِ أني | أقَلُّ القومِ، مَنْ يُغْني مكاني |
وقال الآخر :٤٣٢١ كأَنْ لم تَرَيْ قبلي أسيراً مُقَيدَّاً | ولا رجلاً يُرْمى به الرَّجَوانِ |