قوله :﴿ كُلُواْ ﴾ : أي : يُقال لهم : كُلوا : و " هَنيئاً " قد تقدَّم في أولِ النساء. وجَوَّز الزمخشريُّ فيه هنا أن ينتصِبَ نعتاً لمصدرٍ محذوفٍ أي : أَكْلاً هَنيئاً، وشُرْباً هنيئاً، وأَنْ ينتصِبَ على المصدرِ بعاملٍ مِنْ لفظِه مقدرٍ أي : هَنِئْتُمْ بذلك هَنيئاً. و " بما أَسْلَفْتُم " الباءُ سببيةٌ، و " ما " مصدريةٌ أو اسميةٌ.
مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (٢٨)
قوله :﴿ مَآ أغنى ﴾ : يجوز أَنْ يكونَ نفياً، وأَنْ يكونَ استفهامَ توبيخٍ لنفسِه.
خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠)
وقوله :﴿ خُذُوهُ ﴾ كقولِه :﴿ كُلُواْ ﴾ [ الحاقة : ٢٤ ] في إضمار القولِ. وقوله :﴿ ثُمَّ الجحيم صَلُّوهُ ﴾ تقديمُ المفعولِ يُفيد الاختصاصَ عند بعضهم ؛ ولذلك قال الزمخشري :" ثم لا تَصْلُوه إلاَّ الجحيمَ ". قال الشيخ :" وليس ما قاله مَذْهَباً لسيبويه ولا لحُذَّاقِ النحاة ". قلت : قد تقدَّمَتْ هذه المسألةُ مُتْقَنَةً، وأنَّ كلامَ النحاةِ لا يأبى ما قاله.
ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (٣٢)
قوله :﴿ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ﴾ : في محلِّ جر صفةً ل " سِلْسِلَةٍ " و " في سِلْسِلَة " متعلِّقٌ ب " اسْلُكوه " والفاءُ لا تَمْنع من ذلك. والذِّراعُ مؤنثٌ، ولذلك يُجْمَعُ على أفْعُل وسَقَطَتْ التاءُ مِنْ عددِه قال :

٤٣٢٢- أَرْمي عليها وهي فَرْعٌ أَجْمَعُ وهي ثلاثُ أَذْرُعٍ وإصبعُ
وزعم بعضُم أنَّ في قولِه :" في سِلْسلة " " فاسلكوه " قلباً، قال : لأنه نُقِلَ في التفسير أنَّ السِّلسلةَ تَدْخُل مِنْ فيه، وتخرجُ مِنْ دُبُرِه، فهي المَسْلُوْكة فيه، لا هو مَسْلوكٌ فيها. والظاهرُ أنه لا يُحتاج إلى ذلك لأنه رُوي أنَّها لطولِها تُجْعَلُ في عنقِه وتَلتَوي عليه، حتى تُحيطَ به مِنْ جميعِ جهاتِه، فهو المَسْلوكُ فيها لإِحاطتِها به.


الصفحة التالية
Icon