وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقاويل ﴾
"تقوّل" أي تكلف وأتى بقول من قِبَل نفسه.
وقرىء "وَلَوْ تُقُوِّلَ" على البناء للمفعول.
﴿ لأَخَذْنَا مِنْهُ باليمين ﴾ أي بالقوة والقدرة، أي لأخذناه بالقوّة.
و"من" صلة زائدة.
وعبر عن القوّة والقدرة باليمين لأن قوّة كل شيء في ميامنه، قال القُتَبيّ.
وهو معنى قول ابن عباس ومجاهد.
ومنه قول الشماخ :
إذا ما رايةٌ رُفعتْ لِمَجْدٍ...
تلقّاها عَرَابة باليمين
أي بالقوّة.
عرابة اسم رجل من الأنصار من الأوس.
وقال آخر :
ولمَّا رأيتُ الشمس أشرق نورُها...
تناولتُ منها حاجتي بيميني
وقال السّديّ والحكم :"باليمين" بالحق.
وقال :
تلقّاها عَرَابةُ باليمين...
أي بالاستحقاق.
وقال الحسن : لقطعنا يده اليمين.
وقيل : المعنى لقبضنا بيمينه عن التصرف ؛ قاله نَفْطَوَيْه.
وقال أبو جعفر الطبري : إن هذا الكلام خرج مخرج الإذلال على عادة الناس في الأخذ بيد من يعاقَب.
كما يقول السلطان لمن يريد هَوَانَه : خذوا يديه.
أي لأمرنا بالأخذ بيده وبالغنا في عقابه.
﴿ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوتين ﴾ يعني نِياط القلب ؛ أي لأهلكناه.
وهو عِرْقٌ يتعلّق به القلب إذا انقطع مات صاحبه ؛ قاله ابن عباس وأكثر الناس.
قال :
إذا بَلّغْتنِيِ وحَمَلْتِ رحْلِي...
عَرَابةَ فاشْرَقي بدَمِ الوَتِين
وقال مجاهد : هو حبل القلب الذي في الظهر وهو النخاع ؛ فإذا انقطع بطلت القوى ومات صاحبه.
والمَوْتون الذي قُطع وَتِينه.
وقال محمد بن كعب : إنه القلب ومَرَاقّه وما يليه.
قال الكلبيّ : إنه عرق بين العِلباء والحلقوم.
والعلباء : عصب العنق.
وهما علباوان بينهما ينبت العرق.
وقال عكرمة : إن الوتين إذا قُطع لا ان جاع عَرَف، ولا إن شَبِع عَرَف.
قوله تعالى :﴿ فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴾