وقال الثعلبى :
سورة الحاقة
﴿ الحاقة * مَا الحآقة ﴾
أي القيامة، وسمّيت حاقّة لأنها حقّت فلا كاذبة لها. ولأن فيها حواق الأمور وحقائقها. ولأنّ فيها يحق الجزاء على الأعمال أي يجب، فيقال : حق عليه الشيء إذا وجب بحق حقوقاً، قال الله سبحانه :﴿ ولكن حَقَّتْ كَلِمَةُ العذاب عَلَى الكافرين ﴾ [ الزمر : ٧١ ] وقال الكسائي والمؤرخ : الحاقة : يوم الحق، يقول العرب : لما عرفت الحق مني.
والحاقة والحقّة هي ثلاث لغات بمعنى واحد، والحاقّة الأولى رفع بالإبتداء وخبره فيما بعده، وقيل : الحاقّة الأولى مرفوعة بالثانية ؛ لأنّ الثانية بمنزلة الكتابة عنها كأنه عجب منها وقال : الحاقة ما هي؟ كما تقول : زيد ما زيد، والحاقّة الثانية مرفوعة بما، وما بمعنى أي شيء، وهو رفع بالحاقة الثانية، ومثله ﴿ القارعة * مَا القارعة ﴾ [ القارعة : ١-٢ ]، ﴿ وَأَصْحَابُ اليمين مَآ أَصْحَابُ اليمين ﴾ [ الواقعة : ٢٧ ]، ونحوهما.
﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الحاقة * كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بالقارعة ﴾ أي بالعذاب الذي نزل بهم حين وعدهم نبيّهم حتى هجم عليهم فقرع قلوبهم. وقال ابن عباس وقتادة : بالقيامة.
﴿ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بالطاغية ﴾ أي بطغيانهم وعصيانهم، وهي مصدر كالحاقة، وقيل : هي نعت مجازه : بفعلتهم الطاغية، وهذا معنى قول مجاهد وابن زيد، ودليل هذا التأويل قوله سبحانه :﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ ﴾ [ الشمس : ١١ ] وقال قتادة : يعني بالصيحة الطاغية التي جاوزت مقادير الصياح فاهمدتهم.
﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ﴾ عتت على خزآنها فلم تطعهم وجاوزت المقدار.