وقال الآلوسى :
﴿ سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ﴾
أي دعا داع به فالسؤال بمعنى الدعاء ولذا عدى بالباء تعديته بها في قوله تعالى :﴿ يَدْعُونَ فِيهَا بِكلّ فاكهة ﴾ [ الدخان : ٥٥ ] والمراد استدعاء العذاب وطلبه وليس من التضمين في شيء وقيل الفعل مضمن معنى الاهتمام والاعتناء أو هو مجاز عن ذلك فلذا عدى بالباء وقيل إن الباء زائدة وقيل إنها بمعنى عن كما في قوله تعالى :﴿ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً ﴾ [ الفرقان : ٥٩ ] والسائل هو النضر بن الحرث كما روى النسائي وجماعة وصححه الحاكم عن ابن عباس وروي ذلك عن ابن جريج والسدي والجمهور حيث قال إنكاراً واستهزاءً ﴿ اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ﴾ [ الأنفال : ٣٢ ] وقيل هو أبو جهل حيث قال ﴿ أسقط علينا كسفاً من السماء ﴾ [ الشعراء : ١٨٧ ] وقيل هو الحرث بن النعمان الفهري وذلك أنه لما بلغه قول رسول الله ﷺ في علي كرم الله تعالى وجهه من كنت مولاه فعلى مولاه قال اللهم إن كان ما يقول محمد ﷺ حقاً فامطر علينا حجارة من السماء فما لبث حتى رماه الله تعالى بحجر فوقع على دماغه فخرج من أسفله فهلك من ساعته وأنت تعلم أن ذلك القول منه عليه الصلاة والسلام في أمير المؤمنين كرم الله تعالى وجهه كان في غدير خم وذلك في أواخر سني الهجرة فلا يكون ما نزل مكياً على المشهور في تفسيره وقد سمعت ما قيل في مكية هذه السورة وقيل هو الرسول ﷺ استعجل عذابهم وقيل هو نوح عليه السلام سأل عذاب قومه وقرأ نافع وابن عامر سال بألف كقال سايل بياء بعد الألف فقيل يجوز أن يكون قد أبدلت همزة الفعل ألفاً وهو بدل على غير قياس وإنما قياس هذا بين بين ويجوز أن يكون على لغة من قال سلت أسال حكاها سيبويه وفي "الكشاف" هو من السؤال وهو لغة قريش يقولون سلت تسال وهم يتسايلان وأراد أنه من السؤال المهموز معنى لاشتقاقاً بدليل وهما يتسايلان وفيه دلالة على أنه أجوف