﴿ وَمَن فِي الأرض جَمِيعاً ﴾ أي ويَوَدّ لوفُدِي بهم لافتدى ﴿ ثُمَّ يُنجِيهِ ﴾ أي يخلصه ذلك الفداء.
فلا بد من هذا الاضمار، كقوله :﴿ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ﴾ أي وإن أكله لَفِسق.
وقيل :"يَوَدُّ الْمُجرِمُ" يقتضي جواباً بالفاء ؛ كقوله :﴿ وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ﴾.
والجواب في هذه الآية "ثُمَّ يُنْجِيِه" لأنها من حروف العطف ؛ أي يَوّد المجرم لو يفتدى فينجيه الافتداء.
كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (١٥)
قوله تعالى :﴿ كَلاَّ ﴾ تقدّم القول في "كَلاَّ" وأنها تكون بمعنى حَقاً، وبمعنى لا.
وهي هنا تحتمل الأمرين ؛ فإذا كانت بمعنى حقاً كان تمام الكلام "يُنجيهِ".
وإذا كانت بمعنى لا كان تمام الكلام عليها ؛ أي ليس ينجيه من عذاب الله الافتداء ثم قال :﴿ إِنَّهَا لظى ﴾ أي هي جهنم ؛ أي تتلَظّى نيرانها ؛ كقوله تعالى :﴿ فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تلظى ﴾ [ الليل : ١٤ ] واشتقاق لظي من التلظيِّ.
والتِظَاءُ النار التهابها، وتلظّيها تلهُّبها.
وقيل : كان أصلها "لظظ" أي مادامت لدوام عذابها ؛ فقلبت إحدى الظائين ألفاً فبقيت لظى.
وقيل : هي الدركة الثانية من طبقات جهنم.
وهي اسم مؤنث معرفة فلا ينصرف.
﴿ نَزَّاعَةً للشوى ﴾ قرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم في رواية أبي بكر عنه والأعمش وأبو عمرو وحمزة والكسائيّ "نَزَّاعَةٌ" بالرفع.
وروى أبو عمرو عن عاصم "نَزَّاعَةً" بالنصب.
فمن رفع فله خمسة أوجه : أحدها أن تجعل "لظى" خبر "إنّ" وترفع "نزاعة" بإضمار هي ؛ فمن هذا الوجه يحسن الوقف على "لظى".
والوجه الثاني أن تكون "لظى" و "نزاعة" خبران لإن.
كما تقول إنه خلق مخاصم.
والوجه الثالث أن تكون "نزاعة" بدلاً من "لظى" و "لظى" خبر "إن".
والوجه الرابع أن تكون "لظى" بدلاً من اسم "إنّ" و "نزاعة" خبر "إن".
والوجه الخامس أن يكون الضمير في "إنها" للقصة، و "لظى" مبتدأ و "نزاعة" خبر الابتداء والجملة خبر "إن".