وقال أبو السعود فى الآيات السابقة :
﴿ سَأَلَ سَائِلٌ ﴾
أي دَعَا داعٍ ﴿ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ﴾ أي استدعاهُ وطلبَهُ وهُو النَّضرُ بنُ الحارثِ حيثُ قالَ إنكاراً واستهزاءً :"إنْ كانَ هَذا هُو الحقَّ من عندِكَ فأمطرْ علينا حجارةً من السماءِ أو ائتنا بعذابٍ أليمٍ"، وقيلَ أبُو جهلٍ حيثُ قالَ أسقطْ علينا كسفاً من السماءِ، وقيلَ هو الحارثُ بنِ النعمانِ الفهريُّ وذلكَ أنَّه لما بلغَهُ قولُ رسولِ الله ﷺ في عليَ رضيَ الله عنهُ من كنتُ مولاهُ فعليٌّ مولاهُ قالَ اللهمَّ إنْ كانَ ما يقولُ محمدٌ حقاً فأمطرْ علينا حجارةً من السماءِ، فما لبثَ حَتَّى رماهُ الله تعالَى بحجرٍ فوقعَ على دماغِهِ فخرجَ من أسفلِهِ فهلكَ من ساعتِهِ، وقيلَ هُو الرسولُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ استعجلَ عذابَهُمْ. وقُرِىءَ سَأَلَ، وهو إمَّا من السؤالِ على لُغةِ قُريشٍ فالمَعْنَى ما مرَّ أو من السَّيلانِ، ويؤيدُهُ أنَّهُ قُرِىءَ سالَ سيلٌ أي اندفعَ وادٍ بعذابٍ واقعٍ. وصيغةُ الماضِي للدلالةِ على تحققِ وقوعِهِ إمَّا في الدُّنيا وهو عذابُ بومِ بدرٍ فإنَّ النضرَ قُتِلَ يومئذٍ صَبْراً، وقد مرَّ حالُ الفهريِّ، وإمَّا في الآخرةِ فهو عذابُ النارِ والله أعلمُ. ﴿ للكافرين ﴾ صفةٌ أُخرى لعذابٍ أي كائنٍ للكافرينَ، أو صلةٌ لواقعٍ، أو متعلقٌ بسألَ أي دَعَا للكافرينَ بعذابٍ واقعٍ. وقولُهُ تعالَى :﴿ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ﴾ صفةٌ أُخرى لعذابٍ، أو حالٌ منهُ لتخصصِهِ بالصفةِ أو بالعملِ أو من الضميرِ في للكافرينَ على تقديرِ كونِهِ صفةً لعذابٍ أو استئنافٌ ﴿ مِنَ الله ﴾ متعلقٌ بواقعٍ أو بدافعٌ أي ليسَ له دافعٌ من جهتِهِ تعالَى :﴿ ذِي المعارج ﴾ ذِي المصاعدِ التي يصعدُ فيها الملائكةُ بالأوامرِ والنَّواهِي أو هي عبارةٌ عن السمواتِ المترتبةِ بعضِهَا فوقَ بعضٍ ﴿ تَعْرُجُ الملائكة والروح ﴾ أي جبريلُ عليهِ السَّلامُ، أفردَ بالذكرِ لتميزِهِ وفضلِهِ وقيلَ الروحُ خلقٌ هم حفظة