وقيل : هو كقول إبراهيم :﴿ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ [ الصافات : ٩٩ ] أي : إلى حيث أمرني ربي ﴿ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ قال ابن إسحاق، والكلبي، ووهب بن منبه : أي عرج الملائكة إلى المكان الذي هو محلها في وقت كان مقداره على غيرهم لو صعد خمسين ألف سنة، وبه قال مجاهد.
وقال عكرمة : وروي عن مجاهد أن مدة عمر الدنيا هذا المقدار لا يدري أحدٌ كم مضى، ولا كم بقي، ولا يعلم ذلك إلاّ الله.
وقال قتادة، والكلبي، ومحمد بن كعب : إن المراد يوم القيامة، يعني : أن مقدار الأمر فيه لو تولاه غيره سبحانه خمسون ألف سنة، وهو سبحانه يفرغ منه في ساعة، وقيل : إن مدّة موقف العباد للحساب، هي هذا المقدار، ثم يستقرّ بعد ذلك أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار.
وقيل : إن مقدار يوم القيامة على الكافرين خمسون ألف سنة، وعلى المؤمنين مقدار ما بين الظهر والعصر، وقيل : ذكر هذا المقدار لمجرد التمثيل والتخييل لغاية ارتفاع تلك المعارج وبعد مداها، أو لطول يوم القيامة باعتبار ما فيه من الشدائد والمكاره، كما تصف العرب أيام الشدّة بالطول وأيام الفرح بالقصر، ويشبهون اليوم القصير بإبهام القطاة والطويل بظل الرمح، ومنه قول الشاعر :
ويوم كظل الرمح قصر طوله... دم الزق عنا واصطفاف المزاهر
وقيل : في الكلام تقديم وتأخير، أي : ليس له دافع من الله ذي المعارج في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة تعرج الملائكة والروح إليه، وقد قدّمنا الجمع بين هذه الآية وبين قوله في سورة السجدة ﴿ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ [ السجدة : ٥ ] فارجع إليه.