وقيل : إنها تقول : إليّ يا مشرك، إلي يا منافق، وقيل : معنى تدعو تهلك، تقول العرب : دعاك الله أي : أهلكك، وقيل : ليس هو الدعاء باللسان، ولكن دعاؤها إياهم تمكنها من عذابهم.
وقيل : المراد أن خزنة جهنم تدعو الكافرين والمنافقين، فأسند الدعاء إلى النار، من باب إسناد ما هو للحال إلى المحلّ.
وقيل : هو تمثيل وتخييل، ولا دعاء في الحقيقة، والمعنى : أن مصيرهم إليها، كما قال الشاعر :
ولقد هبطنا الواد بين قوادنا... ندعو الأنيس به الغصيص الأبكم
والغصيص الأبكم : الذباب، وهي لا تدعو، وفي هذا ذمّ لمن جمع المال فأوعاه، وكنزه ولم ينفقه في سبل الخير، أو لم يؤدّ زكاته.
وقد أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، والنسائي، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ سَأَلَ سَائِلٌ ﴾ قال : هو النضر بن الحارث قال :﴿ اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ السماء ﴾ [ الأنفال : ٣٢ ].
وفي قوله :﴿ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ﴾ قال : كائن ﴿ للكافرين لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ مِّنَ الله ذِي المعارج ﴾ قال : ذي الدرجات.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عنه في قوله :﴿ سَأَلَ سَائِلٌ ﴾ قال : سال : وادٍ في جهنم.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ ذِي المعارج ﴾ قال : ذي العلوّ والفواضل.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ قال : منتهى أمره من أسفل الأرضين إلى منتهى أمره من فوق سبع سماوات مقدار خمسين ألف سنة، ويَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ قال : يعني بذلك، ينزل الأمر من السماء إلى الأرض، ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد، فذلك مقدار ألف سنة ؛ لأن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام.


الصفحة التالية
Icon