اختلفوا في الحق المعلوم : فقال ابن عباس والحسن وابن سيرين، إنه الزكاة المفروضة، قال ابن عباس : من أدى زكاة ماله فلا جناح عليه أن لا يتصدق قالوا : والدليل على أن المراد به الزكاة المفروضة وجهان : الأول : أن الحق المعلوم المقدر هو الزكاة، أما الصدقة فهي غير مقدرة الثاني : وهو أنه تعالى ذكر هذا على سبيل الاستثناء ممن ذمه، فدل على أن الذي لا يعطى هذا الحق يكون مذموماً، ولا حق على هذه الصفة إلا الزكاة، وقال آخرون : هذا الحق سوى الزكاة، وهو يكون على طريق الندب والاستحباب، وهذا قول مجاهد وعطاء والنخعي.
وقوله :﴿لَّلسَّائِلِ﴾ يعني الذي يسأل ﴿والمحروم﴾ الذي يتعفف عن السؤال فيحسب غنياً فيحرم.
وثالثها قوله :
وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (٢٦)
أي يؤمنون بالبعث والحشر.
ورابعها قوله تعالى :
وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٢٧)
والإشفاق يكون من أمرين، إما الخوف من ترك الواجبات أو الخوف من الإقدام على المحظورات، وهذا كقوله :﴿والذين يُؤْتُونَ مَا ءاتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾ [ المؤمنون : ٦٠ ] وكقوله سبحانه :﴿الذين إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [ الحج : ٣٥ ] ومن يدوم به الخوف والإشفاق فيما كلف يكون حذراً من التقصير حريصاً على القيام بما كلف به من علم وعمل.
ثم إنه تعالى أكد ذلك الخوف فقال :
إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (٢٨)
والمراد أن الإنسان لا يمكنه القطع بأنه أدى الواجبات كما ينبغي، واحترز عن المحظورات بالكلية، بل يجوز أن يكون قد وقع منه تقصير في شيء من ذلك، فلا جرم يكون خائفاً أبداً.
وخامسها قوله تعالى :
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٢٩) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٣٠)
وقد مر تفسيره في سورة المؤمنين.
وسادسها قوله :