وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّ الإنسان خُلِقَ هَلُوعاً ﴾
يعني الكافر، عن الضحاك.
والهلعَ في اللغة : أشدّ الحرص وأسوأ الجزع وأفحشه.
وكذلك قال قتادة ومجاهد وغيرهما.
وقد هَلِع ( بالكسر ) يَهْلَع فهو هَلِع وهَلُوع، على التكثير.
والمعنى أنه لا يصبر على خير ولا شرّ حتى يفعل فيهما ما لا ينبغي.
عِكرمة : هو الضَّجور.
الضحاك : هو الذي لا يشبع.
والمنوع : هو الذي إذا أصاب المال منع منه حقّ الله تعالى.
وقال ابن كيسان : خلق الله الإنسان يحب ما يسرّه ويرضيه، ويهرب مما يكرهه ويسخطه، ثم تَعَبّده الله بإنفاق ما يحبّ والصبر على ما يكره.
وقال أبو عبيدة : الهَلُوع هو الذي إذا مسّه الخير لم يشكر، وإذا مسّه الضر لم يصبر، قاله ثعلب.
وقال ثعلب أيضاً : قد فسّر الله الهَلُوع، وهو الذي إذا ناله الشر أظهر شدّة الجزع، وإذا ناله الخير بَخِل به ومنعه الناس.
وقال النبيّ ﷺ :" شَرُّ ما أعطي العبدُ شحٌّ هالع وجُبْن خالع " والعرب تقول : ناقة هِلواعة وهِلواع ؛ إذا كانت سريعة السير خفيفة.
قال :
صكّاء ذِعْلِبَة إذا استدبرتَها...
حَرَج إذا استقبلتها هِلواع
الذِّعْلِب والذِّعْلِبة الناقة السريعة.
و"جَزُوعاً" و"مَنُوعاً" نعتان لهلوع.
على أن ينوي بهما التقديم قبل "إذا".
وقيل : هو خبر كان مضمرة.
قوله تعالى :﴿ إِلاَّ المصلين ﴾
دلّ على أن ما قبله في الكفار، فالإنسان اسم جنس بدليل الاستثناء الذي يعقبه، كقوله تعالى :﴿ إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ.
إِلاَّ الذين آمَنُواْ ﴾ [ العصر : ٢-٣ ] قال النخعيّ : المراد بالمصلّين الذين يؤدّون الصلاة المكتوبة.
ابن مسعود : الذين يصلونها لوقتها، فأما تركها فكفر.
وقيل : هم الصحابة.
وقيل : هم المؤمنون عامة، فإنهم يغلبون فَرْطَ الجزع بثقتهم بربهم ويقينهم.
﴿ الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ ﴾ أي على مواقيتها.