أي نصيب معين يستوجبونه على أنفسهم تقرباً إلى الله تعالى وإشفاقاً على الناس وهو على ما روى عن الإمام أبي عبد الله رضي الله تعالى عنه ما يوظفه الرجل على نفسه يؤديه في كل جمعة أو كل شهر مثلاً وقيل هو الزكاة لأنها مقدرة معلومة وتعقب بأن السورة مكية والزكاة إنما فرضت وعين مقدارها في المدينة وقبل ذلك كانت مفروضة من غير تعيين.
﴿ لَّلسَّائِلِ ﴾ الذي يسأل ﴿ والمحروم ﴾ الذي لا يسأل فيظن أنه غني فيحرم واستعماله في ذلك على سبيل الكناية ولا يصح أن تراد به من يحرمونه بأنفسهم للزوم التناقض كما لا يخفى
﴿ والذين يُصَدّقُونَ بِيَوْمِ الدين ﴾ المراد التصديق به بالأعمال حيث يتعبون أنفسهم في الطاعات البدنية طمعاً في المثوبة الأخروية لأن التصديق القلبي عام لجميع المسلمين لا امتياز فيه لأحد منهم وفي التعبير بالمضارع دلالة على أن التصديق والأعمال تتجدد منهم آناً فآناً.
﴿ والذين هُم مّنْ عَذَابِ رَبّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾ خائفون على أنفسهم مع ما لهم من الأعمال الفاضلة استقصاراً لها واستعظاماً لجنابه عز وجل كقوله تعالى :﴿ والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ﴾ [ المؤمنون : ٦٠ ] وقوله سبحانه :
﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾ اعتراض مؤذن بأنه لا ينبغي لأحد أن يأمن عذابه عز وجل وإن بالغ في الطاعة كهؤلاء ولذا كان السلف الصالح وهم هم خائفين وجلين حتى قال بعضهم يا ليتني كنت شجرة تعضد وآخر ليت أمي لم تلدني إلى غير ذلك.
﴿ والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافظون إِلاَّ على أزواجهم أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانهم فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابتغى وَرَاء ذلك فَأُوْلَئِكَ هُمُ العادون ﴾ سبق تفسيره في سورة المؤمنين على وجه مستوفي فتذكره.
﴿ والذين هُمْ لأماناتهم وَعَهْدِهِمْ راعون ﴾