قال تعالى "يُبَصَّرُونَهُمْ" يشاهدونهم ويعرفونهم، ولكن لا يتكلمون معهم، ولشدة الفزع "يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصاحِبَتِهِ" ١١ زوجته التي لا يمكن أن يفتدي بها في الدنيا إلا أن يطلقها، أما في الآخرة فإنها تهون عليه وينسى الغيرة والمروءة "وَأَخِيهِ" ١٢ أيضا لو قدر أن يفدي نفسه به لفداها "وَفَصِيلَتِهِ" عشيرته "الَّتِي تُؤْوِيهِ" ١٣ بالدنيا مما يخاف ويأوي إليها عند الشدائد لو أمكن لفداها كلها بنفسه، بل "وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً" لو كان في ملكه وأمكنه قبول الفداء بهم "ثُمَّ يُنْجِيهِ" ١٤ من عذاب اللّه لفعل، ولكن لا ينجيه شيء
أبدا إلا رحمة اللّه وهي بعيدة منه، راجع الآية ٣٤ من سورة عبس في ج ١، قال تعالى "كَلَّا" لا ينجيه أحد أصلا "إِنَّها" المخصصة لعذاب المجرم هي "لَظى " ١٥ أحد طبقات جهنم المعدة لمن يثبت عليه الجرم العظيم في الموقف بعد الحساب ويحكم عليه بفصل القضاء بأن يعذب فيها، ولا يسمى مجرما إلا بعد ذلك، وهكذا في الدنيا يكون مدعى عليه بمجرد الدعوى عليه، وعند وجود امارة على اقترافه الجرم يسمى ظنينا، وعند تواتر الأدلة يسمى متهما، وعند الثبوت يسمى مجرما، ثم محكوما.
ومن أوصاف هذه النار أنها "نَزَّاعَةً لِلشَّوى " ١٦ أطراف الجسد كاليدين والرجلين بمجرد طرحهم فيها، والنزع الجذب بقوة، أي أنها مفرقة لأعضاء الإنسان "تَدْعُوا" إليها كل "مَنْ أَدْبَرَ" عن الإيمان "وَتَوَلَّى" ١٧ عن الحق "وَجَمَعَ" مالا من غير حله "فَأَوْعى " ١٨ خزنه في الأوعية ولم ينفقه في وجوه البر ولم يؤد حق اللّه منه لعياله.
وقال بعضهم معنى أوعى تعذّب يقول الأعرابي : وهاك اللّه أي عذّبك.
ومن ورع عبد اللّه بن حكيم أنه كان لا يربط كيسه، فقيل له في ذلك فقال سمعت اللّه يقول جمع فأوعى، ومتى ما ربطته فقد أوعيته.