ولما كان سؤالهم من وقت مجيء الساعة والعذاب وطلبهم تعجيل ذلك إنما هو استهزاء، ضمن " سأل " استهزاء ثم حذفه ودل عليه بحال انتزعها منه وحذفها ودل عليها بما تعدى به فقال، أو أنه حذف مفعول السؤال المتعدي " بعن " ليعم كل مسؤول عنه إشارة إلى أن من تأمل الفطرة الأولى وما تدعو إليه من الكمال فأطاعها فكان مسلماً فاضت عليه العلوم، وبرقت له متجليه أشعة الفهوم، فبين المراد من دلالة النص بقوله :﴿بعذاب﴾ أي عن يوم القيامة بسبب عذاب أو مستهزئاً بعذاب عظيم جداً ﴿واقع﴾ وعبر باللام تهكماً منهم مثل ﴿فبشرهم بعذاب﴾ فقال :﴿للكافرين﴾ أي الراسخين في هذا الوصف بمعنى : إن كان لهم في الآخرة شيء فهو العذاب، وقراءة نافع وابن عامر بتخفيف الهمزة أكثر تعجيباً أي اندفع فمه بالكلام وتحركت به شفتاه لأنه مع كونه يقال : سال يسأل مثل خاف يخاف لغة في المهموز يحتمل أن يكون من سأل يسأل، قال البغوي : وذلك أن أهل مكة لما خوفهم النبي ـ ﷺ ـ بالعذاب قالوا : من أهل هذا العذاب ولمن هو؟ سلوا عنه، فأنزلت.
ولما أخبر بتحتم وقوعه علله بقوله :﴿ليس له﴾ أي بوجه من الوجوه ولا حيلة من الحيل ﴿دافع﴾ مبتدىء ﴿من الله﴾ أي الملك الأعلى الذي لا كفؤ له فلا أمر لأحد معه، وإذا لم يكن له دافع منه لم يكن دافع من غيره وقد تقدم الوعد به، ودلت الحكمة عليه فتحتم وقوعه وامتنع رجوعه.