وروي هذا المعنى مرفوعاً من حديث معاذ : عن النبيّ ﷺ أنه قال :" يحاسبكم الله تعالى بمقدار ما بين الصلاتين ولذلك سَمّى نفسه سريع الحساب وأسرع الحاسبين " ذكره الماورديّ.
وقيل : بل يكون الفراغ لنصف يوم، كقوله تعالى :﴿ أَصْحَابُ الجنة يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً ﴾ [ الفرقان : ٢٤ ].
وهذا على قدر فَهم الخلائق، وإلا فلا يشغله شأن عن شأن.
وكما يرزقهم في ساعة كذا يحاسبهم في لحظة، قال الله تعالى :﴿ مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾ [ لقمان : ٢٨ ].
وعن ابن عباس أيضاً أنه سئل عن هذه الآية وعن قوله تعالى :﴿ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ فقال : أيام سَمّاها الله عز وجل هو أعلم بها كيف تكون، وأكره أن أقول فيها ما لا أعلم.
وقيل : معنى ذكر خمسين ألف سنة تمثيل، وهو تعريف طول مدّة القيامة في الموقف، وما يلقى الناس فيه من الشدائد.
والعرب تصف أيام الشدّة بالطول، وأيام الفرح بالقِصر ؛ قال الشاعر :
ويومٍ كظِلّ الرُّمْح قَصَّرَ طولَه...
دَمُ الزِّق عنّا واصطفاق المزاهر
وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ؛ والمعنى : سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له من الله دافع، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة تعرج الملائكة والروح إليه.
وهذا القول هو معنى ما اخترناه، والموفق الإله.
قوله تعالى :﴿ فاصبر صَبْراً جَمِيلاً ﴾
أي على أذى قومك.
والصبر الجميل : هو الذي لا جزع فيه ولا شَكْوَى لغير الله.
وقيل : هو أن يكون صاحب المصيبة في القوم لا يُدْرَى من هو.
والمعنى متقارب.
وقال ابن زيد : هي منسوخة بآية السيف.
﴿ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً ﴾ يريد أهل مكة يرون العذاب بالنار بعيداً ؛ أي غير كائن.
﴿ وَنَرَاهُ قَرِيباً ﴾ لأن ما هو آت فهو قريب.