الأمانات : جمع أمانة، وجمعها لأنها تكون متنوعة من حيث هي في الأموال وفي الأسرار فيما بين العبد وربه فيما أمره ونهاه عنه، قال الحسن : الدين كله أمانة. وقرأ ابن كثير وحده من السبعة :" لأمانتهم " بالإفراد، والعهد : كل ما تقلده الإنسان من قول أو فعل أو مودة، إذا كانت هذه الأشياء على طريق البر، فهو عهد ينبغي رعيه وحفظه، وقد قال النبي ﷺ :" حسن العهد من الإيمان " و: ﴿ راعون ﴾ جمع راع أي حافظ، وقوله تعالى :﴿ والذين هم بشهاداتهم قائمون ﴾ معناه في قول جماعة من المفسرين : أنهم يحفظون ما يشهدون فيه، ويتيقنونه ويقومون بمعانيه حتى لا يكون لهم فيه تقصير، وهذا هو وصف من تمثيل قول النبي ﷺ :" على مثل الشمس فاشهد ". وقال آخرون معناه الذين إذا كانت عندهم شهادة ورأوا حقاً يدرس أو حرمة لله تنتهك قاموا بشهادتهم، وقال ابن عباس : شهادتهم في هذه الآية :" لا إله إلا الله وحده لا شريك له ". وروي عن النبي ﷺ أنه قال :" خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها "، واختلف الناس في معنى هذا الحديث بحسب المعنيين اللذين ذكرت في الآية، إحداهما : أن يكون يحفظهما متقنة فيأتي بها ولا يحتاج أن يستفهم عن شيء منها ولا أن يعارض. والثاني : إذا رأى حقاً يعمل بخلافه وعنده في إحياء الحق شهادة. وروي أيضاً عن النبي ﷺ أنه قال :" سيأتي قوم يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، ويظهر فيهم السمن ". واختلف الناس في معنى هذا الحديث، فقال بعض العلماء : هم قوم مؤمنون يتعرضون ويحرصون على وضع أسمائهم في وثائق الناس، وينصبون لذلك الحبائل من زي وهيئة وهم غير عدول في أنفسهم فيغرون بذلك ويضرون.


الصفحة التالية
Icon