إِلَى المَلِكِ القَرْمِ وَابنِ الهُمَام... وَلَيْثِ الكَتَائبِ في المُزْدَحَمْ
إيذاناً بأنَّ كلَّ واحدٍ من الأوصافِ المذكورةِ نعتٌ جليلٌ على حيالِهِ له شأنٌ خطيرٌ مستتبعٌ لأحكامِ جَمةٍ حقيقٌ بأنْ يُفردَ له موصوفٌ مستقلٌّ ولا يجعلُ شيءٌ منها تتمةً للآخرِ.
﴿ أولئك ﴾ إشارةٌ إلى الموصوفينَ بما ذُكِرَ من الصفاتِ، وما فيهِ من مَعْنَى البعد مع قُربِ العهدِ بالمشارِ إليهِم للإيذانِ بعلوِّ شأنِهِم وبُعدِ منزلَتهِم في الفضلِ وهو مبتدأٌ خبرُهُ ﴿ فِي جنات ﴾ أي مستقرونَ في جناتٍ لا يُقادَرُ قَدرُهَا ولا يُدرَكُ كُنْهُهَا. وقوله تعالَى :﴿ مُّكْرَمُونَ ﴾ خبرٌ آخرُ، أو هُو الخبرُ وفي جناتٍ متعلقٌ بهِ قُدِّمَ عليهِ لمراعاةِ الفواصلِ، أو بمضمرٍ هو حالٌ من الضميرِ في الخبرِ أي مكرمونَ كائنينَ في جنَّاتٍ.
﴿ فَمَالِ الذين كَفَرُواْ قَبْلِكَ ﴾ حولَكَ ﴿ مُهْطِعِينَ ﴾ مُسرعينَ نحوكَ مادِّي أعناقِهِم إليكَ مقبلينَ بأبصارِهِم عليكَ ﴿ عَنِ اليمين وَعَنِ الشمال عِزِينَ ﴾ أي فِرَقاً شتَّى جمعُ عِزَةٍ، وأصلُهَا عِزْوَةٌ من العِزِّ، وكأنَّ كلَّ فرقةٍ تعتزِي إلى غيرِ من تعتزِي إليهِ الأُخرى، كانَ المُشركونَ يحلّقونَ حولَ رسولِ الله ﷺ حِلقاً حِلقاً وفِرقاً فِرقاً ويستهزئونَ بكلامِهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ويقولونَ إنْ دخلَ هؤلاءِ الجنَّةَ كما يقولُ محمدٌ فلندخلنَّها قبلَهُم فنزلتْ ﴿ أَيَطْمَعُ كُلُّ امرىء مّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ ﴾ بلا إيمانٍ ﴿ كَلاَّ ﴾ ردعٌ لهم عن ذلكَ الطمعِ الفارغِ ﴿ إِنَّا خلقناهم مّمَّا يَعْلَمُونَ ﴾ قيلَ هو تعليلٌ للردعِ والمَعْنَى إنا خلقناهُم من أجلِ ما يعلمونَ كما في قولِ الأَعْشَى
أَأَزْمَعْتَ مِنْ آلِ لَيْلَى ابتكارَا... وَشَطَّتْ عَلَى ذِي هَوَى أنْ تَزَارَا