﴿ كَلاَّ ﴾ ردع لهم عن ذلك الطمع الفارغ ﴿ إِنَّا خلقناهم مّمَّا يَعْلَمُونَ ﴾ قيل هو تعليل للردع ومن أجلية والمعنى أنا خلقناهم من أجل ما يعلمون وهو تكميل النفس بالإيمان والطاعة فمن لم يستكملها بذلك فهو بمعزل من أن يتبوأ متبوأ الكاملين فمن أين لهم أن يطعموا في دخول الجنة وهم مكبون على الكفر والفسوق وإنكار البعث وكون ذلك معلوماً لهم باعتبار سماعهم إياه من النبي ﷺ وقيل من ابتدائية والمعنى أنهم مخلوقون من نطفة قذرة لا تناسب عالم القدس فمتى لم تستكمل بالإيمان والطاعة ولم تتخلق باخلاق الملائكة عليهم السلام لم تستعد لدخولها وكلا القولين كما ترى وقال مفتى الديار الرومية ان الأقرب كونه كلاماً مستأنفاً قد سيق تمهيداً لما بعده من بيان قدرته عز وجل على أن يهلكهم لكفرهم بالبعث والجزاء واستهزائهم برسول الله ﷺ وبما نزل عليه عليه الصلاة والسلام من الوحي وادعائهم دخول الجنة بطريق السخرية وينشىء بدلهم قوماً آخرين فإن قدرته سبحانه على ما يعلمون من النشأة الأولى حجة بينة على قدرته عز وجل على ذلك كما يفصح عنه الفاء الفصيحة في قوله تعالى :
﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبّ المشارق والمغارب ﴾ أي إذا كان الأمر كما ذكرنا من أن خلقهم مما يعلمون وهو النطفة القذرة فلا أقسم برب المشَارق والمغارب ﴿ إِنَّا لقادرون ﴾.
﴿ على أَن نُّبَدّلَ خَيْراً مّنْهُمْ ﴾ أي نهلكهم بالمرة حسبما تقتضيه جناياتهم وناتى بدلهم بخلق آخرين ليسوا على صفتهم.