وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
قوله :﴿ إِنَّ الإنسان خُلِقَ هَلُوعاً ﴾
قال في الصحاح : الهلع في اللغة : أشدّ الحرص، وأسوأ الجزع وأفحشه.
يقال : هلع بالكسر، فهو هلع وهلوع على التكثير.
وقال عكرمة : هو الضجور.
قال : الواحدي، والمفسرون يقولون تفسير الهلع ما بعده يعني قوله :﴿ إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعاً ﴾ أي : إذا أصابه الفقر والحاجة، أو المرض، أو نحو ذلك، فهو جزوع، أي : كثير الجزع، وإذا أصابه الخير من الغنى والخصب والسعة، ونحو ذلك، فهو كثير المنع والإمساك.
وقال أبو عبيدة : الهلوع هو الذي إذا مسه الخير لم يشكر، وإذا مسه الشرّ لم يصبر.
قال ثعلب : قد فسّر الله الهلوع : هو الذي إذا أصابه الشرّ أظهر شدّة الجزع، وإذا أصابه الخير بخل به ومنعه الناس، والعرب تقول : ناقة هلوع، وهلواع : إذا كانت سريعة السير خفيفته، ومنه قول الشاعر :
شكاء ذعلبة إذا استدبرتها... جرح إذا استقبلتها هلواع
والذعلبة : الناقة السريعة، وانتصاب هلوعاً وجزوعاً ومنوعاً على أنها أحوال مقدّرة، أو محققة ؛ لكونها طبائع جبل الإنسان عليها، والظرفان معمولان لجزوعاً ومنوعاً.
﴿ إِلاَّ المصلين ﴾ أي : المقيمين للصلاة وقيل : المراد بهم أهل التوحيد يعني : أنهم ليسوا على تلك الصفات من الهلع والجزع والمنع ؛ وأنهم على صفات محمودة وخلال مرضية ؛ لأن إيمانهم وما تمسكوا به من التوحيد ودين الحق يزجرهم عن الاتصاف بتلك الصفات، ويحملهم على الاتصاف بصفات الخير.
ثم بيّنهم سبحانه فقال :﴿ الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ أي : لا يشغلهم عنها شاغل، ولا يصرفهم عنها صارف، وليس المراد بالدوام أنهم يصلون أبداً.
قال الزجاج : هم الذين لا يزيلون وجوههم عن سمت القبلة، وقال الحسن، وابن جريج : هو التطوع منها.
قال النخعي : المراد بالمصلين الذين يؤدّون الصلاة المكتوبة.