قال الفرّاء : ويدل على قراءة التوحيد قوله تعالى :﴿ وَأَقِيمُواْ الشهادة لِلَّهِ ﴾ [ الطلاق : ٢ ].
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ على صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ أي : على أذكارها وأركانها وشرائطها، لا يخلون بشيء من ذلك.
قال قتادة : على وضوئها وركوعها وسجودها.
وقال ابن جريج : المراد التطوّع، وكرر ذكر الصلاة لاختلاف ما وصفهم به أوّلاً، وما وصفهم به ثانياً، فإن معنى الدوام : هو أن لا يشتغل عنها بشيء من الشواغل، كما سلف ؛ ومعنى المحافظة : أن يراعي الأمور التي لا تكون صلاة بدونها وقيل : المراد يحافظون عليها بعد فعلها من أن يفعلوا ما يحبطها ويبطل ثوابها، وكرّر الموصولات للدلالة على أن كل وصف من تلك الأوصاف لجلالته يستحقّ أن يستقلّ بموصوف منفرد، والإشارة بقوله :﴿ أولئك ﴾ إلى الموصوفين بتلك الصفات ﴿ فِى جنات مُّكْرَمُونَ ﴾ أي : مستقرّون فيها، مكرمون بأنواع الكرامات، وخبر المبتدأ قوله :﴿ فِي جنات ﴾، وقوله :﴿ مُّكْرَمُونَ ﴾ خبر آخر، ويجوز أن يكون الخبر مكرمون، وفي جنات متعلق به.
﴿ فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ ﴾ أي : أيّ شيء لهم حواليك مسرعين، قال الأخفش : مهطعين مسرعين، ومنه قول الشاعر :
بمكة أهلها ولقد أراهم... إليهم مهطعين إلى السماع
وقيل : المعنى : ما بالهم يسرعون إليك يجلسون حواليك، ولا يعملون بما تأمرهم؟ وقيل : ما بالهم مسرعين إلى التكذيب.
وقيل : ما بال الذين كفروا يسرعون إلى السماع إليك، فيكذبونك ويستهزئون بك.
وقال الكلبي : إن معنى ﴿ مُهْطِعِينَ ﴾ : ناظرين إليك.
وقال قتادة : عامدين.
وقيل : مسرعين إليك مادّي أعناقهم مديمي النظر إليك.
﴿ عَنِ اليمين وَعَنِ الشمال عِزِينَ ﴾ أي : عن يمين النبيّ ﷺ وعن شماله جماعات متفرقة، وعزين جمع عزة، وهي العصبة من الناس، ومنه قول الشاعر :
ترانا عنده والليل داج... على أبوابه حلقاً عزينا
وقال الراعي :