وآجال العقوبات الإلهية المحددة بحصول الأعمال المعاقب عليها بوقت قصير أو فيه مُهلة غير قابلة للتأخير وهي ما صْدَقُ قوله :﴿ إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر ﴾ وقد قال الله تعالى :﴿ يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ﴾ [ الرعد : ٣٩ ] على أظهر التأويلات فيه وما في علم الله من ذلك لا يخالف ما يحصل في الخارج.
فالذي رغَّب نوحٌ قومَه فيه هو سبب تأخير آجالهم عند الله فلو فعلوه تأخرتْ آجالهم وبتأخيرها يتبين أن قد تقرر في علم الله أنهم يعملون ما يدعوهم إليه نوح وأن آجالهم تطول، وإذ لم يفعلوه فقد كُشف للناس أن الله علم إنهم لا يفعلون ما دعاهم إليه نوح وأن الله قاطع آجالهم، وقد أشار إلى هذا المعنى قول النبي ﷺ " اعملُوا فكل مُيسَّر إلى ما خُلق له " وقد استعصى فهم هذا على كثير من الناس فخلطوا بين ما هو مقرر في علم الله وما أظهره قدر الله في الخارج الوجودي.
وفي إقحام فعل ﴿ كنتم ﴾ قبل ﴿ تعلمون ﴾ إيذان بأن علمهم بذلك المنتفيَ لوقوعه شرطاً لحرف ﴿ لو ﴾ محقق انتفاؤه كما بيناه في قوله تعالى :﴿ أكان للناس عجباً أن أوحينا إلى رجل منهم ﴾ في سورة يونس ( ٢ ).
وجواب لو } محذوف دل عليه قوله :﴿ لا يؤخَّر ﴾.
والتقدير : لأيقنتم أنه لا يؤخر. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢٩ صـ ﴾