وجعل الحث على الرجاء كناية عن الحث على الإيمان والعمل الصالح لاقتضائه انعقاد الأسباب بخلاف الغرور وهي كناية إيمائية إذ لا واسطة ولو جعلت رمزية لخفاء الفرق بين الرجاء والغرور على الأكثر لكان وجهاً قاله في "الكشف" وتعقب ذلك مفتي الديار الرومية عليه الرحمة بأن عدم رجاء الكفرة لتعظيم الله تعالى إياهم في دار الثواب ليس في حيز الاستبعاد والإنكار مع أن في جعل الوقار بمعنى التوقير من التعسف وفي جعل ﴿ لله ﴾ بياناً للموقر ودعوى أنه لو تأخر لكان صلة للوقار من التناقض ما لا يخفى فإن كونه بياناً للموقر يقتضي أن يكون التوقير صادراً عنه تعالى والوقار وصفاً للمخاطبين وكونه صلة للوقار يوجب كون التوقير صادراً عنهم والوقار وصفاً له عز وجل انتهى وأجيب عن أمر التناقض بأنك إذا قلت ضرب لزيد جاز أن يكون زيد فاعلاً وأن يكون مفعولاً وكفى شاهداً صحة الإضافتين فعند التأخر يحتمل أن يكون الوقار بمعنى التوقير صادراً منه تعالى فيكون الوقار وصفاً للمخاطبين ويحتمل أن يكون متعلقاً به فيكون التوقير صادراً عنهم والوقار وصفاً له تعالى غاية ما في الباب أنه لما قدم لله وامتنع تعلقه بالمصدر المتأخر صار بياناً وعينت القرينة إرادة صدور التوقير عنه عز وجل وأين هذا من التناقض نعم يبقى الكلام في القرينة ولعلها السياق بناءً على أن القوم استبعدوا أن يقبلوا ويلطف الله تعالى بهم إن هم تركوا باطلهم فيكون هذا من تتمة إزالة الشبهة فيما سمعت من قولهم كيف يقبلنا ويلطف بنا الخ ويعلم من هذا الجواب عن قوله إن عدم رجاء الكفرة لتعظيم الله تعالى ليس في حيز الاستبعاد كما لا يخفى وعليه قيل يكون قوله تعالى وقد خلقكم إلى قوله سبحانه :﴿ فِجَاجاً ﴾ للدلالة على أنه جل شأنه لا يزال ينعم عليكم مع كفركم فكيف لا يلطف بكم ويوقركم إذا آمنتم وتفسر الأطوار بما يعتري الإنسان في أسنانه من الأمور المختلفة كالصبا والشباب والكهولة وغيرها مما يكون بعضه


الصفحة التالية
Icon