والمراد بالجنات في قوله :﴿ ويجعل لكم جنات ﴾ النخيل والأعناب، لأن الجنات تحتاج إلى السقي.
وإعادة فعل يَجْعل بعد واو العطف في قوله :﴿ ويجعل لكم أنهاراً ﴾ للتوكيد اهتماماً بشأن المعطوف لأن الأنهار قوام الجنات وتسقي المزارع والأنعام.
وفي هذا دلالة على أن الله يجازي عباده الصالحين بطيب العيش قال تعالى :﴿ مَن عمِل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنُحْيِيَنَّه حياة طيبة ﴾ [ النحل : ٩٧ ] وقال ﴿ ولو أن أهل القرى ءامنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتتٍ من السماء والأرض ﴾ [ الأعراف : ٩٦ ] وقال :﴿ وأنْ لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقاً ﴾ [ الجنّ : ١٦ ].
مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (١٤)
بَدَّلَ خطابه مع قومه من طريقة النصح والأمر إلى طريقة التوبيخ بقوله :﴿ ما لكم لا ترجون لله وقاراً.
وهو استفهام صورته صورة السؤال عن أمر ثبت لهم في حال انتفاء رجائهم توقيرَ الله.
والمقصود أنه لا شيء يثبت لهم صارف عن توقير الله فلا عذر لكم في عدم توقيره.
وجملة لا تَرجُون ﴾
في موضع الحال من ضمير المخاطبين، وكلمة ( مَا لَك ) ونحوها تلازمها حال بعدها نحو ﴿ فما لهم عن التذكرة معرضين ﴾ [ المدثر : ٤٩ ].
وقد اختلف في معنى قوله :﴿ ما لكم لا ترجون لله وقاراً ﴾ وفي تعلق معمولاته بعوامله على أقوال : بعضُها يرجع إلى إبقاء معنى الرجاء على معناه المعروف وهو ترقب الأمر، وكذلك معنى الوقار على المتعارف وهو العظمة المقتضية للإِجلال، وبعضها يرجع إلى تأويل معنى الرجاء، وبعضها إلى تأويل معنى الوقار، ويتركب من الحمل على الظاهر ومن التأويل أن يكون التأويل في كليهما، أو أن يكون التأويل في أحدهما مع إبقاء الآخر على ظاهر معناه.


الصفحة التالية
Icon