ولقد أثبت الواقع التاريخي المتكرر أن النفس البشرية لم تبلغ إلى آفاق الكمال المقدر لها بأية وسيلة كما بلغتها باستقرار حقيقة الإيمان بالله فيها. وأن الحياة البشرية لم ترتفع إلى هذه الآفاق بوسيلة أخرى كما ارتفعت بهذه الوسيلة. وأن الفترات التي استقرت فيها هذه الحقيقة في الأرض، وتسلم أهلها قيادة البشرية كانت قمة في تاريخ الإنسان سامقة، بل كانت حلما أكبر من الخيال، ولكنه متمثل في واقع يحياه الناس.
وما يمكن أن ترتقي البشرية ولا أن ترتفع عن طريق فلسفة أو علم أو فن أو مذهب من المذاهب أو نظام، إلى المستوى الذي وصلت أو تصل إليه عن طريق استقرار حقيقة الإيمان بالله في نفوس الناس وحياتهم وأخلاقهم وتصوراتهم وقيمهم وموازينهم.. وهذه الحقيقة ينبثق منها منهج حياة كامل، سواء جاءت مجملة كما هي في الرسالات الأولى، أو مفصلة شاملة دقيقة كما هي في الرسالة الأخيرة.


الصفحة التالية
Icon