وقال أبو السعود فى الآيات السابقة :
﴿ فَقُلْتُ استغفروا رَبَّكُمْ ﴾
بالتوبةِ عن الكفرِ والمَعَاصِي ﴿ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً ﴾ للتائبينَ كأنَّهُم تعللُوا وقالُوا إنْ كُنَّا على الحقِّ فكيفَ نتركهُ وإنْ كُنَّا على الباطلِ فكيفَ يقبلنا بعدَ ما عكفنَا عليهِ دَهْراً طويلاً فأمرهم بما يمحقُ ما سلفَ منهم من المَعَاصِي ويجلبُ إليهم المنافعَ ولذلكَ وعدهُم بما هُو أوقعُ في قلوبِهِم وأحبُّ إليهِم من الفوائدِ العاجلةِ، وقيل لما كذَّبُوه بعدَ تكريرِ الدعوةِ حبسَ الله تعالَى عنهم القطرَ وأعقمَ أرحامَ نسائِهِم أربعينَ سنةً وقيلَ سبعينَ سنةً فوعدَهُم أنَّهم إنْ آمنُوا أنْ يرزقَهُم الله تعالَى الخِصْبَ ويدفَع عنْهُم ما كانُوا فيهِ ﴿ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً ﴾ أي كثيرَ الدرورِ، والمرادُ بالسماءِ المظلةُ أو السحابُ ﴿ وَيُمْدِدْكُمْ بأموال وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جنات ﴾ بساتينَ ﴿ وَيَجْعَل لَّكُمْ ﴾ فيهَا ﴿ أَنْهَاراً ﴾ جاريةً ﴿ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ إنكارٌ لأنْ يكونَ لهُم سببٌ ما في عدمِ رجائِهِم لله تعالَى وقاراً على أنَّ الرجاءَ بمَعْنَى الاعتقادِ، ولا ترجونَ حالٌ من ضميرِ المخاطبينَ والعاملُ فيهَا مَعْنَى الاستقرارِ في لكُم على أنَّ الإنكارَ متوجهٌ إلى السببِ فَقَطْ مع تحققِ مضمونِ الجملةِ الحاليةِ لا إليهِما معاً كما في قولِهِ تعالَى :﴿ وَمَا لِىَ لاَ أَعْبُدُ الذى فَطَرَنِى ﴾ ولله متعلقٌ بمضمرٍ وقعَ حالاً مِنْ وقاراً ولو تأخرَ لكانَ صفةً لهُ أيْ أيُّ سببٍ حصلَ لكُم حالَ كونِكُم غيرَ معتقدينَ لله تعالَى عظمةً موجبةً لتعظيمِهِ بالإيمانِ بهِ والطاعةِ لهُ ﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً ﴾ أي والحالُ أنكم على حالٍ منافيةٍ لما أنتُم عليهِ بالكليةِ وهيَ أنكم تعلمونَ أنَّه تعالَى خلقَكُم تاراتٍ عناصرَ ثم أغذيةً ثم أخلاطاً ثم نُطفاً ثم علَقاً ثم مُضَغاً ثم عظاماً ولحوماً ثم أنشأ كم خلقاً آخرَ فإن التقصيرَ في توقيرِ