فصل
قال الفخر :
﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إلى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ﴾
في قوله :﴿أن﴾ وجهان أحدهما : أصله بأن أنذر فحذف الجار وأوصل الفعل، والمعنى أرسلناه بأن قلنا له : أنذر أي أرسلناه بالأمر بالإنذار الثاني قال الزجاج : يجوز أن تكون مفسرة والتقدير : إنا أرسلنا نوحاً إلى قومه أي أنذر قومك وقرأ ابن مسعود، ﴿أُنذِرَ﴾ بغير أن على إرادة القول.
ثم قال :﴿مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ قال مقاتل يعني الغرق بالطوفان.
واعلم أن الله تعالى لما أمره بذلك امتثل ذلك الأمر.
قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢)
﴿أَنِ اعبدوا﴾ هو نظير ﴿أَنْ أَنذِرِ﴾ [ نوح : ١ ] في الوجهين، ثم إنه أمر القوم بثلاثة أشياء بعبادة الله وتقواه وطاعة نفسه، فالأمر بالعبادة يتناول جميع الواجبات والمندوبات من أفعال القلوب وأفعال الجوارح، والأمر بتقواه يتناول الزجر عن جميع المحظورات والمكروهات، وقوله :﴿وَأَطِيعُونِ﴾ يتناول أمرهم بطاعته وجميع المأمورات والمنهيات، وهذا وإن كان داخلاً في الأمر بعبادة الله وتقواه، إلا أنه خصه بالذكر تأكيداً في ذلك التكليف ومبالغة في تقريره، ثم إنه تعالى لما كلفهم بهذه الأشياء الثلاثة وعدهم عليها بشيئين أحدهما : أن يزيل مضار الآخرة عنهم، وهو قوله :﴿يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ ﴾.
الثاني : يزيل عنهم مضار الدنيا بقدر الإمكان، وذلك بأن يؤخر أجلهم إلى أقصى الإمكان.
وههنا سؤالات :