يحتمل أن تكون هذه الجملة تعليلاً لقوله :﴿ ويؤخرْكم إلى أجل مسمى، ﴾ أي تعليلاً للربط الذي بين الأمر وجزائه من قوله :﴿ أن اعبدوا الله ﴾ إلى قوله :﴿ ويؤخِّركم ﴾ الخ لأن الربط بين الأمْر وجوابِه يعطي بمفهومه معنى : إِنْ لا تعبدوا الله ولا تتقوه ولا تطيعوني لا يغفر لكم ولا يؤخركم إلى أجل مسمى، فعُلل هذا الربط والتلازم بين هذا الشرط المقدر وبين جزائه بجملة ﴿ إنّ أجل الله إذا جاء لا يؤخر ﴾، أي أن الوقت الذي عيّنه الله لحلول العذاب بكم إن لم تعبدوه ولم تطيعون إذا جاء إِبَّانه باستمراركم على الشرك لا ينفعكم الإِيمان ساعتئذٍ، كما قال تعالى :﴿ فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلاّ قوم يونس لما ءامنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ﴾ [ يونس : ٩٨ ]، فيكون هذا حثاً على التعجيل بعبادة الله وتقواه.
فالأجَل الذي في قوله :﴿ إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر ﴾ غير الأجل الذي في قوله :﴿ ويؤخركم إلى أجلٍ مسمى ﴾ ويُناسِب ذلك قولُه عقبه ﴿ لو كنتم تعلمون ﴾ المقتضي أنهم لا يعلمون هذه الحقيقة المتعلقة بآجال الأمم المعيَّنة لاستئصالهم، وأما عدم تأخير آجال الأعمار عند حلولها فمعلوم للناس مشهور في كلام الأولين.
وفي إضافة ﴿ أجل ﴾ إلى اسم الجلالة في قوله :﴿ إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر ﴾ إيماء إلى أنه ليس الأجل المعتاد بل هو أجل عيّنه الله للقوم إنذاراً لهم ليؤمنوا بالله.
ويحتمل أن تكون الجملة استئنافاً بيانياً ناشئاً عن تحديد غاية تأخيرهم إلى أجل مسمى، أي دون تأخيرهم تأخيراً مستمراً فيسأل السامع في نفسه عن علة تنهية تأخيرهم بأجل آخر فيكون أجل الله غير الأجل الذي في قوله :﴿ إلى أجل مسمى ﴾.


الصفحة التالية
Icon