الخطأ إذا سلحته الدولة بعنفوانها، وأقامت له أبراجا تدرسه وتحميه، ترك ظلاله فى النفوس واستقرت أوضاعه قرونا. وقد نشر الاستعمار الرومانى عقيدة التثليث، واستطاع بالرغبة والرهبة أن يوطئ لها الأكناف. ولولا أن محمدا درع الحق الذى بعث به وفداه بالنفس والمال. لجعله الرومان فى خبر كان.
ومن أين كان يعلم الجن أن الله واحد لا ولد له ولا والد. لولا الدعاة الذين حملوا الكتاب هنا وهناك، وقرعوا به الآذان؟ لقد شعرت الجن أن تغيرا ما يحدث فى الكون، وأن الوحى النازل يحيط به حرس شديد حتى لا ينقص منه شىء " وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا * وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ". والغريب أن الحراسة التى صاحبت نزول القرآن من السماء لم تتركه وهو يسير فى الأرض، فتحولت حفظا صانه حرفا حرفا ونغمة نغمة. وقد آمن الجن بالإسلام عن تصديق واقتناع " وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا ". ويظهر أن أعدادا من الجن رفضت الانقياد للحق وعالنت بتمردها عليه! وليس فى ذلك ما يدهش، أليس ذلك صنيع بنى آدم ؟ " وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا * وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا". وقد سألنى أحد الناس: أتعرف أحدا من الجن؟ فعرفت غرضه، وقلت: ما رأيت منهم أحدا. فقال: كيف تصدق بما لم تره؟ فقلت: ليس كل موجود يرى. إن الجراثيم لضالتها لا ترى، والكواكب لبعدها لا ترى، والقرآن يقرر ذلك عن الجن عندما يقول " إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ". ويستحيل أن الكون الذى تقاس أبعاده بالسنين الضوئية لا يكون به إلا البشر. وقد قلت فى كتاب لى: إن الذى يبنى قصرا من ألف طابق، لا يسكن الطابق الأرضى وحده ويدع الباقى تصفر فيه الرياح، فلم خلقه؟ إننى أومن بالله الذى خلق الإنس والجن والملائكة " وما يعلم جنود ربك إلا هو". وتقرر السورة هنا حقيقة