"أما العباد والعبيد في هذا الكون، فقد علمتنا السورة أن بين بعضها والبعض الآخر مشاركات ومنافذ، ولو اختلف تكوينها، كالمشاركات التي بين الجن والإنس، مما حكته السورة وحكاه القرآن في مواضع أخرى. فالإنسان ليس بمعزل - حتى في هذه الأرض - عن الخلائق الأخرى. وبينه وبينها اتصال وتفاعل في صورة من الصور. وهذه العزلة التي يحسها الإنسان بجنسه - بله العزلة الفردية أو القبلية أو القومية - لا وجود لها في طبيعة الكون ولا في واقعه. وأحرى بهذا التصور أن يفسح في شعور الإنسان بالكون وما يعمره من أرواح وقوى وأسرار. قد يجهلها الإنسان، ولكنها موجودة بالفعل من حوله، فهو ليس الساكن الوحيد لهذا الكون كما يعن له أحيانا أن يشعر !!
ثم إن هناك ارتباطا بين استقامة الخلائق على الطريقة، وتحركات هذا الكون ونتائجها، وقدر الله في العباد:(وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه. ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا).. وهذه الحقيقة تؤلف جانبا من التصور الإسلامي للارتباطات بين الإنسان والكون وقدر الله.
وهكذا تمتد إيحاءات السورة إلى مساحات ومسافات وأبعاد وآماد واسعة بعيدة، وهي سورة لا تتجاوز الثماني والعشرين آية، نزلت في حادثة معينة ومناسبة خاصة..


الصفحة التالية
Icon