كما يتفق لمن يسلك من أهل التصوف على غير أصل فيرى في أثناء السير أنواراً وأشياء تعجبه شيطانية فيظنها رحمانية، فيقف عندها ويأنس بها لفساد في أصل جبلته نشأ عنه سوء مقصده، فربما كان ذلك سبباً لكفره فيزداد هو وأمثاله من الإنس ضلالاً ويزداد من أضله من الجن ضلالاً وإضلالاً وعتواً، ويزداد الفريقان بعداً عن اللجأ إلى الله وحده، ولقد أغنانا الله سبحانه وتعالى بالقرآن والذكر المأخوذ عن خير خلقه بشرطه في أوقاته عن كل شيء كما أخبر ـ ﷺ ـ أن من قال عند إتيانه الخلاء " بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث " ستر عن الجن، وأن من قال إذا أتى امرأته " اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني " فأتاه ولد لم يقدر الشيطان أن يضره، ومن أذن أمن تغول الغيلان، وروى الترمذي وأحمد - قال المنذري : ورواته رواة الصحيح - عن شداد بن أوس ـ رضى الله عنه ـ أن النبي ـ ﷺ ـ قال :" ما من مسلم يأخذ مضجعه فيقرأ سورة من كتاب الله تعالى إلا وكل الله تعالى به ملكاً فلا يقربه شيء يؤذيه حتى يهب متى هب " وللطبراني في الكبير - قال المنذري : ورواته رواة الصحيح إلا المسيب بن واضح، قال الهيثمي : وهو ضعيف وقد وثق - عن عبد الله بن بسر ـ رضى الله عنه ـ قال :" خرجت من حمص فآواني الليل إلى البقيعة فحضرني من أهل الأرض فقرأت هذه الآية من الأعراف
﴿إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش﴾ [ الأعراف : ٥٤ ] إلى آخر الآية، فقال بعضهم لبعض : احرسوه الآن حتى يصبح، فلما أصبحت ركبت دابتي " والأحاديث في هذا كثيرة في آية الكرسي وغيرها، وكذا حكايات من اعترضه بعض الجن فلما قرأ ذهب عنه.