وقال أبو السعود فى الآيات السابقة :
﴿ قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ ﴾
وقُرِىءَ أُحيَ إليَّ أصلُه وُحيَ وقد قُرِىءَ كذلكَ منْ وُحيَ إليهِ فقلبتْ الواوُ المضمومةُ همزةٌ كأعدَ وَأزنَ في وَعَدَ ووَزَنَ ﴿ أَنَّهُ ﴾ بالفتحِ لأنَّه فاعل أُوحي والضمير للشأن ﴿ استمع ﴾ أي القرآن كما ذكر فِي الأحقافِ وقد حُذِفَ لدلالة ما بعدَهُ عليه ﴿ نَفَرٌ مّنَ الجن ﴾ النفرُ ما بينَ الثلاثةِ للعشرةِ، والجنُّ أجسام عاقلةٌ خفيةٌ يغلبُ عليهْمِ الناريةُ أو الهوائيةُ، وقيلَ : نوعٌ منَ الأرواحِ المجردةِ وقيلَ : هيَ النفوسُ البشريةُ المفارقةُ عن أبدانِها وفيهِ دِلالةٌ عَلى أنَّه عليهِ الصلاةُ والسَّلامُ لم يشُعْر بهمِ وباستماعِهم ولم يقرأْ عليهمْ وإنَّما اتفقَ حضورُهم في بعض أوقات قراءته فسمعوها فأخبره الله تعالى بذلك وقد مر ما فيه من التفصيلِ في الأَحْقَافِ ﴿ فَقَالُواْ ﴾ لقومِهم عندَ رجوعِهم إليهِم ﴿ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَاناً ﴾ كتاباً مقرُوءاً ﴿ عَجَبًا ﴾ بديعاً مبايناً لكلام الناسِ في حسن النظمِ ودقة المَعْنى وهو مصدرٌ وصفَ به للمبالغةِ ﴿ يَهْدِى إِلَى الرشد ﴾ إلى الحقِّ والصوابِ ﴿ فَئَامَنَّا بِهِ ﴾ أيْ بذلكَ القرآن ﴿ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبّنَا أَحَداً ﴾ حسبمَا نطقَ به مَا فيهِ منْ دلائلِ التوحيدِ.