إن قلنا : الضمير في قوله :﴿استقاموا﴾ راجع إلى الجن كان في الآية قولان : أحدهما : لو استقام الجن على الطريقة المثلى أي لو ثبت أبوهم الجان على ما كان عليه من عبادة الله ولم يستكبر عن السجود لآدم ولم يكفر وتبعه ولده على الإسلام لأنعمنا عليهم، ونظيره قوله تعالى :﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الكتاب ءامَنُواْ واتقوا﴾ [ المائدة : ٦٥ ] وقوله :﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التوراة والإنجيل وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِمْ مّن رَّبّهِمْ لأَكَلُواْ﴾ [ المائدة : ٦٦ ] وقوله :﴿وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ﴾ [ الطلاق : ٢، ٣ ] وقوله :﴿فَقُلْتُ استغفروا رَبَّكُمْ﴾ إلى قوله ﴿وَيُمْدِدْكُمْ بأموال وَبَنِينَ﴾ [ نوح : ١٢ ] وإنما ذكر الماء كناية عن طيب العيش وكثرة المنافع، فإن اللائق بالجن هو هذا الماء المشروب والثاني : أن يكون المعنى وأن لو استقام الجن الذين سمعوا القرآن على طريقتهم التي كانوا عليها قبل الاستماع ولم ينتقلوا عنها إلى الإسلام لوسعنا عليهم الرزق، ونظيره قوله تعالى :﴿وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ الناس أُمَّةً واحدة لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مّن فِضَّةٍ ﴾