وهذا معنى غير الأول، وقرأ أبو الدرداء " تعالى ذكر ربنا "، وروي عنه " تعالى جلال ربنا ". وقوله تعالى :﴿ وإنه كان يقول ﴾ لا خلاف أن هذا من قول الجن، وكسر الألف فيه أبين وفتحها لا وجه له إلا اتباع العطف على الضمير. كأنهم قالوا الآن بأن ﴿ سفيهنا ﴾ كان قوله ﴿ شططاً ﴾. والسفيه المذكور قال جميع المفسرين هو إبليس لعنه الله. وقال آخرون هو اسم جنس لكل سفيه منهم. ولا محالة أن إبليس صدر في السفهاء وهذا القول أحسن. والشطط : التعدي وتجاوز الحد بقول أو فعل ومنه قول الأعشى :[ البسيط ]
أتنتهون ولا ينهى ذوي شطط... كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل
وقوله تعالى :﴿ وإنا ظننا ﴾ هو كلام أولئك النفر لا يحتمل غير ذلك، وكسر الألف فيه أبين. والمعنى : إنا كنا نظن قبل إيماننا أن الأقوال التي تسمع من إبليس وغواة الجن والإنس في جهة الآلهة وما يتعلق بذلك حق وليست بكذب، لأنا كنا نظن بهم أنهم لا يكذبون على الله ولا يرضون ذلك. وقرأ جمهور الناس " تقول ". وقرأ الحسن والجحدري وابن أبي بكرة ويعقوب " تَقوَّلَ " بفتح القاف والواو وشد الواو، والتقول خاص بالكذب، والقول عام له وللصدق، ولكن قولهم ﴿ كذباً ﴾ يرد القول هنا معنى التقول.
وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (٦)


الصفحة التالية
Icon