وقرأ بعضهم: "لُبُدا" والمعنى فيهما - والله أعلم - واحد، يقال: لُبدَةٌ، ولِبدة.
ومن قرأ: "لُبَّداً" فإنه أراد أن يجعلها من صفة الرجال، كقولك: رُكّعاً، وركوعا، وسجَّدا، وسجودا.
﴿ قُلْ إِنَّمَآ أَدْعُو رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً * قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ رَشَداً ﴾
وقوله عز وجل: ﴿قُلْ إِنَّمَآ أَدْعُو رَبِّي...﴾
قرأ الأعمش وعاصم: "قُلْ إنما أدعُو ربِّى" وقرأ عامة أهل المدينة كذلك، وبعضهم: (قال)، وبعضهم: (قل).
[حدثنا أبو العباس قال:] حدثنا محمد قال: حدثنا الفراء قال: وحدثنى محمد بن الفضل عن عطاء بن السائب عن أبى عبدالرحمن السُّلَمى، عن على بن أبى طالب ـ رحمه الله ـ أنه قرأها: (قال إنما أَدْعُو رَبِّى).
اجتمع القراء على: ﴿لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً...﴾ بنصب الضاد، ولم يرفع أحد منهم.
﴿ قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً ﴾
وقوله عز وجل: ﴿وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً...﴾
ملجأ ولا سرباً ألجأ إليه.
﴿ إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ﴾
وقوله عز وجل: ﴿إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ...﴾.
يكون استثناء من قوله: "لا أملك لكم ضرا ولا رشدا إلا أن أبلغكم ما أرسلت به".
وفيها وجه آخر: قل إنى لن يجيرنى من الله أحد إنْ لم أبلغ رسالته، فيكون نصب البلاغ من إضمار فعل من الجزاءِ كقولك للرجل: إِلا قياماً فقعودا، وإلا عطاء فردا جميلا. أى إلا تفعل إلا عطاء فردا جميلا فتكون لا منفصلة من إِن ـ وهو وجه حسن، والعرب تقول: إِن لا مال اليوم فلا مال أبدا ـ يجعلون (لا) على وجه التبرئة، ويرفعون أيضا على ذلك المعنى، ومن نصب بالنون فعلى إِضمار فعل، أنشدنى بعض العرب:
فإن لا مَال أعطيه فإنى * صديق من غُدو أو رَواح