وهذه الآية تدل على أنهم كانوا أكثر من سبعة أو تسعة كما في الخبر، ويؤيد الكثرة أن معنى النفر ينصرف إلى الأربعين كما نوهنا به أول السورة، ثم ان كفار مكة لما رأوا حضرة الرسول رجع من الطائف حزينا لما رأى من قسوتهم وما أصابه من أذاهم وردّ دعوته لهم بالإيمان، قالوا يا محمد لقد جئت بأمر عظيم، فارجع عنه إلى دين آبائك ونحن نجيرك من أهل الطائف وغيرهم ونحميك منهم ونكفيك أمر الدنيا، فأجابهم صلى اللّه عليه وسلم بما أوحى اللّه تعالى إليه "قال إنّما أدعوا ربّي" وحده وأحصر عبادتي وحمايتي وإعانتي وكفايتي بحضرته المقدسة، وقرىء قُلْ بلفظ الأمر، وهي قراءة جائزة إذا لا زيادة فيها ولا نقص في المعنى واللفظ غير مد القاف "وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً" ٢٠ من خلقه في العبادة والنصرة والطّلب، فلم تتعجبون مما جئت به ولا جله، تطبقون على عداوتي
"قُلْ" لهم أيضا "إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا" إذا بقيتم على كفركم "وَلا رَشَداً" ٢١ إذا آمنتم باللّه وحده، ومعنى رشدا هنا نفعا لأنها بمقابلة ضرا، أي لا أقدر على شيء من ذلك كله، لأنه من خصائص اللّه الذي أرسلني إليكم منذرا لا مسيطرا ولا كفيلا "قُلْ" لهم أيضا "إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ" إذا أنا رجعت إلى دينكم وأرادني بسوء فلن يقدر أحد على دفع عذابه عني، وهذا كقول صالح لقومه (فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ) الآية ٦٢ من سورة هود في ج ٢ "وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً"
٢٢ نفقا أدخل فيه إلى الأرض ومحترزا اختبئ فيه أو ملجأ ألجأ إليه من عذابه، وقد يراد به اللحد وفيه قال :
يا لهف نفسي ونفسي غير مجدية عني وما من قضاء اللّه ملتحدا