هذا ما قاله هذان وغيرهم تبعا هم كثيرون، أما الذي أجمعت عليه أهل السنة والجماعة فهو إثبات وقوع الكرامة للأولياء ودليل لوجودها ويجب هذا عقيدة أيضا، قال صاحب مبدأ الأمالي :
كرامات الولي بدار دنيا لها كون فهم أهل النوال
وهو من الماتريديّة.
وقال صاحب الجوهرة في الأشعرية مثله، وجميع المسلمين تابعون لهما في العقيدة، إذ قالوا إن ما جاز وقوعه معجزة لنبي جاز أن يكون كرامة للولي، إذ لا مانع من أن يلهمهم اللّه وقوع بعض الحوادث المستقبلة فيخبرون بها من إطلاع اللّه إياهم لا من أنفسهم، يدل على هذا ما روي عن أبي هريرة أنه قال : قال صلى اللّه عليه وسلم : لقد كان فيمن مضى قبلكم من الأمم أناس محدثون (ملهمون) من غير أن يكونوا أنبياء، وإن يكن من أمتي أحد فإنه عمر بن الخطاب - أخرجه البخاري - وإنما خصه صلى اللّه عليه وسلم لنطقه بأشياء نزل بها القرآن وهي معلومة، وسنأتي عليها في محلها إن شاء اللّه في سورة النور ج ٣ وغيرها، وروى مسلم عن عائشة مثل هذا الحديث، ومن كراماته رضي اللّه عنه إسماع صوته زمن خلافته من المدينة إلى القادسية حينما قال (يا سارية الجبل) وهي مشهورة أيضا، وكتابته
الكتاب إلى النيل وهو من أكبر الكرامات وغيرها كثير، وقصة الخضر مع سيدنا موسى عليهما السلام، وقصة أصحاب الكهف الآتية في الآيات ١٠ و٩ و٧٢ وما بعدها من سورة الكهف في ج ٢، وقصة مريم الآتية في الآية ٢٢ فما بعدها من سورتها، وقصة بلقيس في الآية ٨٠ من سورة النمل الآتية، وهذا القدر كاف على ثبوتها للأولياء عدا إشارات القرآن الأخرى ورموز حضرة الرسول.