فإن قيل : ما الشيء الذي جعل ما بعد حتى غاية له ؟ قلنا : فيه وجهان الأول : أنه متعلق بقوله :﴿يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً﴾ [ الجن : ١٩ ] والتقدير أنهم يتظاهرون عليه بالعداوة ويستضعفون أنصاره ويستقلون ( عدده ) حتى إذا رأوا ما يوعدون من يوم بدر وإظهار الله له عليهم أو من يوم القيامة، فسيعلمون أيهم أضعف ناصراً وأقل عدداً، الثاني : أنه متعلق بمحذوف دلت عليه الحال من استضعاف الكفار له واستقلالهم لعدده كأنه قيل : هؤلاء لا يزالون على ما هم عليه حتى إذا كان كذا كان كذا، واعلم أن نظير هذه الآية قوله في مريم :﴿حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة﴾ [ مريم : ٧٥ ] واعلم أن الكافر لا ناصر له ولا شفيع يوم القيامة على ما قال :﴿مَا للظالمين مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ [ غافر : ١٨ ] ﴿وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارتضى﴾ [ الأنبياء : ٢٨ ] ويفر كل أحد منهم من صاحبه على ما قال :﴿يَوْمَ يَفِرُّ المرء مِنْ أَخِيهِ﴾ [ عبس : ٣٤ ] إلى آخره :﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ﴾ [ الحج : ٢ ] وأما المؤمنون فلهم العزة والكرامة والكثرة قال تعالى :﴿والملائكة يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مّن كُلّ بَابٍ * سلام عَلَيْكُمُ﴾ [ الرعد : ٢٣، ٢٤ ] والملك القدوس يسلم عليهم ﴿سَلاَمٌ قَوْلاً مّن رَّبّ رَّحِيمٍ﴾ فهناك يظهر أن القوة والعدد في جانب المؤمنين أو في جانب الكفار. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣٠ صـ ١٤٤ ـ ١٤٨﴾


الصفحة التالية
Icon