عَنِّي وما مِن قَضاءِ اللَّهِ مُلْتَحَدُ
﴿ إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ الله وَرِسَالاَتِهِ ﴾ فإن فيه الأمان والنجاة ؛ قاله الحسن.
وقال قتادة :﴿ إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ الله ﴾ فذلك الذي أملكه بتوفيق الله، فأما الكفر والإيمان فلا أملكهما.
فعلى هذا يكون مردوداً إلى قوله تعالى :﴿ قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ رَشَداً ﴾ أي لا أملك لكم إلا أن أبلغكم.
وقيل : هو استثناء منقطع من قوله :﴿ لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ رَشَداً ﴾ أي إِلا أن أبلغكم أي لكن أبلغكم ما أرسلت به ؛ قاله الفراء.
وقال الزجاج : هو منصوب على البدل من قوله :"مُلْتَحَداً" أي ﴿ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً ﴾ إلا أن أبلغ ما يأتيني من الله ورسالاته ؛ أي ومن رسالاته التي أمرني بتبليغها.
أو إلا أن أبلغ عن الله وأعمل برسالته، فآخذ نفسي بما آمر به غيري.
وقيل هو مصدر، و"لا" بمعنى لم، و"إن" للشرط.
والمعنى لن أجد من دونه ملتحداً : أي إن لم أبلغ رسالات ربي بلاغا.
قوله تعالى :﴿ وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ ﴾ في التوحيد والعبادة.
﴿ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ ﴾ كسرت إن لأن ما بعد فاء الجزاء موضع ابتداء وقد تقدم.
﴿ خَالِدِينَ فِيهَآ ﴾ نصب على الحال، وجمع "خَالِدِينَ" لأن المعنى لكل من فعل ذلك، فوحد أوّلاً للفظ "مَن" ثم جمع للمعنى.
وقوله ﴿ أَبَداً ﴾ دليل على أن العصيان هنا هو الشرك.
وقيل : هو المعاصي غير الشرك، ويكون معنى ﴿ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ﴾ إلا أن أعفو أو تلحقهم شفاعة، ولا محالة إذا خرجوا من الدنيا على الإيمان يلحقهم العفو.
وقد مضى هذا المعنى مبيّناً في سورة "النساء" وغيرها.


الصفحة التالية
Icon