﴿ قُلْ إِنّى لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ رَشَداً ﴾ أي ولا نفعا تعبيراً باسم السبب عن المسبب والمعنى لا أستطيع أن أضركم ولا أنفعكم إنما الضار والنافع هو الله عز وجل أولا أملك لكم غيا ولا رشداً على أن الضر مراد به الغي تعبير باسم السبب عن السبب ويدل عليه قراءة أبي غيا بدل ضرا والمعنى لا أستطيع أن أقسركم على الغي والرشد إنما القادر على ذلك هو الله سبحانه وتعالى وجوز أن يكون في الآية الاحتباك والأصل لا أملك لكم ضراً ولا نفعاً ولا غياً ولا رشداً فترك من كلا المتقابلين ما ذكر في الآخر وقرأ الأعرج رشداً بضمتين :
﴿ قُلْ إِنّى لَن يُجِيرَنِى مِنَ الله أَحَدٌ ﴾ إن أرادني سبحانه بسوء ﴿ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً ﴾ أي معدلاً ومنحرفاً وقال الكلبي مدخلا في الأرض وقال السدى حرزاً وأصله المدخل من اللحد والمراد ملجأ يركن إليه وأنشدوا
: يا لهف نفسي ونفسي غبر مجدية...
عني وما من قضاء الله ملتحد
وجوز فيه الراغب كونه اسم مكان وكونه مصدراً وهذا على ما قيل بيان لعجزه عليه الصلاة والسلام عن شؤون نفسه بعد بيان عجزه ﷺ عن شؤون غيره وقيل في الكلام حذف وهو قالوا اترك ما تدعوا إليه ونحن نجيرك فقيل له قل إني لن يجيرني الخ وقيل هو جواب لقول وردان سيد الجن وقد ازدحموا عليه أنا أرحلهم عنك فقال أني لن يجيرني الخ ذكره الماوردي والقولان ليسا بشيء وقوله تعالى :
﴿ إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ الله ﴾ استثناء من مفعول ﴿ لا أملك ﴾ [ الجن : ٢١ ] كما يشير إليه كلام قتادة وما بينهما اعتراض مؤكد لنفي الاستطاعة فلا اعتراض بكثرة الفصل المبعدة لذلك فإن كان المعنى لا أملك أن أضركم ولا أنفعكم كان استثناء متصلاً كأنه قيل لا أملك شيئاً إلا بلاغاً وان كان المعنى لا أملك أن أقسركم على الغي والرشد كان منقطعاً أو من باب.
لا عيب فيهم غير أن سيوفهم....


الصفحة التالية
Icon