وقال الشيخ عبد الكريم الخطيب :
قوله تعالى :« وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً ».
عبد اللّه، هو رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وفى إضافته ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ إلى اللّه سبحانه وتعالى بصفة العبودية، تكريم وتشريف له، ورفع لمقامه الكريم عند ربه، وأنه عبد اللّه، الخالص العبودية للّه، والمثل الكامل لهذه العبودية، التي تحققت فيه وحده، فانفرد بها فى هذا المقام، فحيث أضيف عبد إلى اللّه من غير ذكر اسمه، فالمقصود هو محمد صلوات اللّه وسلامه عليه..
وقد أضاف اللّه سبحانه وتعالى كثيرا من عباده المكرمين إليه بلفظ العبودية، ولكنها لم تكن إضافة مطلقة، بل كانت مقيدة بذكر اسم هذا العبد المضاف إلى اللّه، كما يقول سبحانه :« ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا » (٢ : مريم) وكما يقول تبارك اسمه :« وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ » (٤١ : ص) ويقول جل شأنه :« وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ » (٤٥ : ص) وفرق كبير فى مقام التكريم والتشريف بين إضافة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالعبودية إلى ربه إضافة مطلقة، وبين قيد هذه الإضافة بالاسم الدال على صاحبها، وإن كانت تلك الإضافة مما يلبس صاحبها تاج الكمال وينزله أعلى منازل الرضوان.. ولكن فوق هذا المقام الكريم العظيم مقام، ينفرد به رسول اللّه محمد وحده..


الصفحة التالية
Icon