وقال الفراء :
سُورَة المزمل صلى الله عليه وسلم
سورة ( المزمل )
﴿ ياأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ الْلَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً ﴾
اجتمع القراء على تشديد: المُزَّمِّل، والمُدَّثِّر، والمزمّل: الذى قد تزمّل بثيابه، وتهيأ للصلاة، وهو رسول الله صلى الله عليه.
وقوله عز وجل: ﴿قُمِ الْلَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً...﴾.
يريد: الثلث الآخِر، ثم قال: ﴿نِّصْفَهُ...﴾.
والمعنى: أو نصفه، ثم رخص له فقال: ﴿أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً...﴾ من النصف إلى الثلث أو زد على النصفِ إلى الثلثين، وَكان هذا قبل أن تفرض الصلوات الخمس، فلما فرضت الصلاة نسخَتْ هذا، كما نَسخَت الزكاةُ كلَّ صدقة، وشهر رمضان كلَّ صوم.
﴿ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ﴾
وقوله عز وَجل: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً...﴾.
يقول: اقرأه على هِينتك ترسلا.
﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ﴾
وقوله عز وجل: ﴿سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً...﴾.
أى: ليس بالخفيف ولا السَّفْساف ؛ لأنه كلام ربنا تبارك وتعالى.
﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً ﴾
وقوله عز وجل: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً...﴾.
يقول: هى أثبت قياما. ﴿وَأَقْوَمُ قِيلاً...﴾ يقول: إن النهار يضطرب فيه الناس، ويتقلبون فيه للمعاش، والليل أخلى للقلب، فجعله أقوم قيلا.
وقال بعضهم. إن ناشئة الليل هى أشد على المصلى من صلاة النهار ؛ لأن الليل للنوم، فقال: هى، وإن كانت أشد وطئا فهى أقوم قيلا، وقد اجتمع القراء على نصب الواو من وطئاً وقرأ بعضهم: "هى أشَدُّ وطئاً" قال: قال الفراء: أكتب وطئا بلا ألف [وقرأ بعضهم: هى أشد وِطَاء] فكسر الواو ومده يريد: أشد علاجا ومعالجة ومواطأة. وأمَّا الوِطء فلا وِطء لم نروه عن أحد من القراء.


الصفحة التالية
Icon