فأتيته بطعام فعرضت له هذه الآية فقال ارفعه وهكذا ثلاث ليال ولم يزالوا به حتى شرب شربة من سويق.
وفي هذا عذر واضح للصوفية المخلصين الذين يقع منهم الصعق عن غير اختيار عند سماع بعض الآيات.
ولهذا البحث صلة في تفسير الآية ١٤٧ من الأعراف الآتية وفي الآية ٢٢ من سورة الزمر في ج ٢ فراجعهما، قال تعالى يا أيها الناس «إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شاهِداً عَلَيْكُمْ» بايمان من آمن وكفر من كفر وهو محمد صلى اللّه عليه وسلم الذي بلغكم أمرنا «كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا ١٥» شاهدا على قومه القبط وعلى بني إسرائيل وهو موسى عليه الصلاة والسلام وخص بالذكر دون سائر الأنبياء لأن القبط كذبوه وبني إسرائيل آذوه وازدروه كما فعلت قريش بمحمد من الإيذاء والإهانة «فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ» ولم يمتثل أمره وقاومه وتحداه بسحرته فأخسأه اللّه ووفق السحرة للإيمان به وآب هو وقومه بالإصرار على الكفر «فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلًا ١٦» شديدا غليظا لا رحمة فيه بأن أغرقه وقومه، وهذا تخويف لكفار مكة بأنهم إذا لم يذعنوا لنبيهم يوقع بهم عذابا مماثلا بعذابهم في الدنيا وأما في الأخرى فانظر ما هو «فَكَيْفَ تَتَّقُونَ» العذاب الأكبر الدائم «إِنْ كَفَرْتُمْ» وبقيتم على كفركم «يوما» مهولا عظيما «يجعل» يصيّر فيه «الولدان» لشدة هوله «شِيباً ١٧» شيوخا شمطاء أي لو فرض لكان لأن الآخرة لا شيب، فيها وإنما هو مثل ضربه اللّه لشدة الغمّ والكرب والهم، قال المتنبي :
والهم يخترم الجيم نحافة ويشيب ناصية الفتي ويهرم
وقال حسان بن ثابت :
إذا واللّه نوميهم بحرب يشيب الطفل من قبل المشيب
وذلك أن كل ما يخاف منه يورث الهم والهرم والمشيب أي إن كنتم لا تخافون أن تؤخذوا بالدنيا كأخذ فرعون ألا تخافون هول اليوم الآخر الذي يصيّر الشباب شيبا وكلكم صائر إليه وذلك حين يقول اللّه تعالى لآدم قم فابعث بعث النار من


الصفحة التالية
Icon