روى ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أمّ سلمة رضي اللّه عنها أنّها سئلت عن قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالت : كان يقطّع قراءته آية آية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) رواه أحمد وأبو داود والترمذي «١».
وأخرج البخاري «٢» عن أنس أنّه سئل عن قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال : كانت مدّا، ثم قرأ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١) يمد بِسْمِ اللَّهِ ويمد الرَّحْمنِ ويمد الرَّحِيمِ.
وعلى هذا فليس لأحد من الناس مخالفة في أنّه يقرأ القرآن بترتيل وتبيين حروف، وتحسين مخارج، وإظهار مقاطع، إنما الكلام في التغني به وتلحينه.
وقد اختلف في ذلك علماء السلف والخلف، فقال بكراهته أنس بن مالك، وسعيد بن المسيّب، وسعيد بن جبير، والقاسم بن محمد، والحسن، وابن سيرين، وإبراهيم النخعي، والإمامان مالك وأحمد.
وروي عن ابن المسيب أنّه سمع عمر بن عبد العزيز يؤم الناس فطرب في قراءته، فأرسل إليه سعيد يقول : أصلحك اللّه إنّ الأئمة لا تقرأ هكذا. فترك عمر التطريب بعد.
وروي عن القاسم أنّ رجلا قرأ في مسجد النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فطرب فأنكر ذلك القاسم، وقال : يقول اللّه عزّ وجلّ : لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ.
وروى ابن القاسم عن مالك أنه سئل عن الألحان في الصلاة؟ فقال : لا تعجبني، وقال : إنما هو غناء يتغنون به ليأخذوا عليه الدراهم.
وروي عن أحمد أنّه كان يقول في قراءة الألحان : ما تعجبني، ويقول : القراءة بالألحان بدعة لا تسمع.
وعن عبد اللّه بن يزيد العكبري قال : سمعت رجلا يسأل أحمد : ما تقول في القراءة بالألحان؟ فقال له : ما اسمك؟ قال : محمد. قال له : أيسرك أن يقال لك :
موحامد، ممدودا؟
وأجاز القراءة بالألحان عمر بن الخطاب، وابن عباس وابن مسعود

(١) رواه الترمذي في الجامع الصحيح (٥/ ١٧٠)، كتاب التفسير، تفسير فاتحة الكتاب حديث رقم (٢٩٢٧)، وأبو داود في السنن كتاب القراءات حديث رقم (٤٠٠١)، وأحمد في المسند (٦/ ٣٠٢).
(٢) رواه البخاري في الصحيح (٦/ ١٣٦)، ٦٦ - كتاب فضائل القرآن، ٢٩ - باب مد القراءة حديث رقم (٥٠٤٦).


الصفحة التالية
Icon