فلا مزنة ودقت ودقها.. ولا أرض أبقل إبقالها
ورابعها : أن يكون السماء ذات انفطار فيكون من باب الجراد المنتشر، والشجر الأخضر، وأعجاز نخل منقعر، وكقولهم امرأة مرضع، أي ذات رضاع.
السؤال الثاني : ما معنى :﴿مُنفَطِرٌ بِهِ﴾ ؟ الجواب من وجوه : أحدها : قال الفراء : المعنى منفطر فيه وثانيها : أن الباء في ( به ) مثلها في قولك فطرت العود بالقدوم فانفطر به، يعني أنها تنفطر لشدة ذلك اليوم وهوله، كما ينفطر الشيء بما ينفطر به وثالثها : يجوز أن يراد السماء مثقلة به إثقالاً يؤدي إلى انفطارها لعظم تلك الواقعة عليها وخشيتها منها كقوله :﴿ثَقُلَتْ فِى السموات والأرض﴾ [ الأعراف : ١٨٧ ].
أما قوله :﴿كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً﴾ فاعلم أن الضمير في قوله :﴿وَعْدَهُ﴾ يحتمل أن يكون عائداً إلى المفعول وأن يكون عائداً إلى الفاعل، أما الأول : فأن يكون المعنى وعد ذلك اليوم مفعول أي الوعد المضاف إلى ذلك اليوم واجب الوقوع، لأن حكمة الله تعالى وعلمه يقتضيان إيقاعه، وأما الثاني : فأن يكون المعنى وعد الله واقع لا محالة لأنه تعالى منزه عن الكذب وههنا وإن لم يجر ذكر الله تعالى ولكنه حسن عود الضمير إليه لكونه معلوماً، واعلم أنه تعالى بدأ في أول السورة بشرح أحوال السعداء، ومعلوم أن أحوالهم قسمان أحدهما : ما يتعلق بالدين والطاعة للمولى فقدم ذلك والثاني : ما يتعلق بالمعاملة مع الخلق وبين ذلك بقوله :﴿واصبر على مَا يَقُولُونَ واهجرهم هَجْراً جَمِيلاً﴾ [ المزمل : ١٠ ] وأما الأشقياء فقد بدأ بتهديدهم على سبيل الإجمال، وهو قوله تعالى :﴿وَذَرْنِى والمكذبين﴾ [ المزمل : ١١ ] ثم ذكر بعده أنواع عذاب الآخرة ثم ذكر بعده عذاب الدنيا وهو الأخذ الوبيل في الدنيا، ثم وصف بعده شدة يوم القيامة، فعند هذا تم البيان بالكلية فلا جرم ختم ذلك الكلام بقوله :