ولما علم من السياق ومن التعبير بالاسم الأعظم أنه سبحانه بالغ في العظمة إلى حد يؤيس من إجابته، علل الأمر بقوله مؤكداً تقريباً لما يستبعده من يستحضر عظمته سبحانه وشدة انتقامه وقوة بطشه :﴿إن الله﴾ وأظهر إعلاماً بأن صفاته لا تقصر آثارها على المستغفرين ولا على مطلق السائلين ﴿غفور﴾ أي بالغ الستر لأعيان الذنوب وآثارها حتى لا يكون عليها عتاب ولا عقاب ﴿رحيم﴾ أي بالغ الإكرام بعد الستر إفضالاً وإحساناً وتشريفاً وامتناناً، وقد اشتملت هذه السورة على شرح قول النبي ـ ﷺ ـ فيما أوتي من جوامع الكلم " اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح في دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي إليها منقلبي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر " كما أشير إلى كل جملة منها في محلها، ولقد رجع آخر السورة - بالترغيب في العمل وذكر جزائه - على أولها الأمر بالقيام بين يديه وبإشارة الاستغفار إلى عظم المقام وإن جل العمل ودام وإن كان بالقيام في ظلام الليالي والناس نيام، فسبحانه من له هذا الكلام المعجز لسائر الأنام لإحاطته بالجلال والإكرام، فسبحانه من إله جابر القلوب المنكسرة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٨ صـ ٢١٥ ـ ٢١٩﴾