وقوله تعالى :﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾ هو عبارة عن الترخيص في ترك القيام المقدر كقوله تعالى :﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فالن باشروهن﴾ [ البقرة : ١٨٧ ] والمعنى أنه رفع التبعة عنكم في ترك هذا العمل كما رفع التبعة عن التائب.
قوله تعالى :﴿فاقرءوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القرءان﴾ وفيه قولان : الأول : أن المراد من هذه القراءة الصلاة لأن القراءة أحد أجزاء الصلاة، فأطلق اسم الجزء على الكل، أي فصلوا ما تيسر عليكم، ثم ههنا قولان : الأول : قال الحسن : يعني في صلاة المغرب والعشاء، وقال آخرون : بل نسخ وجوب ذلك التهجد واكتفى بما تيسر منه، ثم نسخ ذلك أيضاً بالصلوات الخمس القول الثاني : أن المراد من قوله :﴿فاقرءوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القرءان﴾ قراءة القرآن بعينها والغرض منه دراسة القرآن ليحصل الأمن من النسيان قيل : يقرأ مائة آية، وقيل : من قرأ مائة آية كتب من القانتين، وقيل : خمسين آية ومنهم من قال : بل السورة القصيرة كافية، لأن إسقاط التهجد إنما كان دفعاً للحرج، وفي القراءة الكثيرة حرج فلا يمكن اعتبارها.
وههنا بحث آخر وهو ما روي عن ابن عباس أنه قال : سقط عن أصحاب رسول الله ﷺ قيام الليل وصارت تطوعاً وبقي ذلك فرضاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم إنه تعالى ذكر الحكمة في هذا النسخ فقال تعالى :﴿علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرؤا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتو الزكاة ﴾.