قلت : قول كعب أصح ؛ لقوله عليه السلام :" من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من الُمَقْنِطرين " خرجه أبو داود الطيالسي في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو.
وقد ذكرناه في مقدّمة الكتاب والحمد لله.
القول الثاني :﴿ فاقرءوا مَا تَيَسَّرَ ﴾ أي فصلّوا ما تيسّر عليكم، والصلاة تسمى قرآناً ؛ كقوله تعالى :﴿ وَقُرْآنَ الفجر ﴾ [ الإسراء : ٧٨ ] أي صلاة الفجر.
ابن العربي : وهو الأصح ؛ لأنه عن الصلاة أخبر، وإليها يرجع القول.
قلت : الأوّل أصح حملاً للخطاب على ظاهر اللفظ، والقول الثاني مجاز ؛ فإنه من تسمية الشيء ببعض ما هو من أعماله.
الخامسة قال بعض العلماء : قوله تعالى :﴿ فاقرءوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ﴾ نَسخَ قيام الليل ونصفه، والنقصان من النصف والزيادة عليه.
ثم احتمل قول الله عز وجل :﴿ فاقرءوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ﴾ معنيين أحدهما أن يكون فرضاً ثانياً ؛ لأنه أزيل به فرضٌ غيره.
والآخر أن يكون فرضاً منسوخاً أزيل بغيره كما أزيل به غيره ؛ وذلك لقوله تعالى :﴿ وَمِنَ الليل فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عسى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً ﴾ [ الإسراء : ٧٩ ] فاحتمل قوله تعالى :﴿ وَمِنَ الليل فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ ﴾ أي يتهجد بغير الذي فُرض عليه مما تيسّر منه.
قال الشافعيّ : فكان الواجب طلب الاستدلال بالسُّنة على أحد المعنيين، فوجدنا سنة رسول الله ﷺ تدل على أن لا واجب من الصلاة إلا الخمس.
السادسة قال القُشيريّ أبو نصر : والمشهور أن نسخ قيام الليل كان في حقّ الأمة، وبقيت الفريضة في حقّ النبيّ صلى الله عليه وسلم.


الصفحة التالية
Icon