قوله تعالى :﴿هن لباس لكم﴾ استعارة بجامع شدة الاتصال حينئذٍ وهي استعارة أحياها القرآن، لأن العرب كانت اعتبرتها في قوله : لابَسَ الشيءُ الشيءَ، إذا اتصل به لكنهم صيروها في خصوص زنة المفاعلة حقيقةً عُرفية فجاء القرآن فأحياها وصيَّرها استعارة أَصلية جديدة بعد أن كانت تبعية منسية. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ١٨١﴾
سؤال : لم قدَّم قوله :﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ﴾ على ﴿وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾ ؟
الجواب : قدَّم قوله :﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ﴾ على ﴿وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾ ؛ تنبيهاً على ظهور احتياج الرجل للمرأة وعدم صبره عنها ؛ ولأنَّه هوالبادىءُ بطلب ذلك، وكنى باللباس عن شِدَّةِ المخالطة ؛ كقوله - هو النابغة الجَعْدِيُّ - :[المتقارب ]
إِذَا مَا الضَّجِيعُ ثَنَى جِيدَهَا... تَثَنَّتْ عَلَيْهِ فَكَانَتْ لِبَاساَ
وفيها أيضاً :[المتقارب ]
لَبِسْتُ أُنَاساً فَأَفْنَيْتُهُمْ... وَأَفْنَيْتُ بَعْدَ أُنَاسِ أُنَاسَا. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٣ صـ ٣٠٨﴾
قال القرطبيُّ : وشُدِّدتُ النُّون من " هُنَّ " لأنها بمنزلة الميم والواو فى المذكَّر. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٢ صـ ٣١٦﴾
لطيفة
ورد لفظ " اللِّبَاسِ " على أربعة أوجهٍ :
الأول : بمعنى السَّكَن ؛ كهذه الآية.
الثاني : الخلط ؛ قال تبارك وتعالى :﴿الذين آمَنُواْ وَلَمْ يلبسوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أولئك لَهُمُ الأمن وَهُمْ مُّهْتَدُونَ﴾ [الأنعام : ٨٢]، أي : لم يخلطوا.
الثالث : العمل الصالح ؛ قال تعالى :﴿وَرِيشاً وَلِبَاسُ التقوى﴾ [الأعراف : ٢٦]، أي : عمل التقوى.
الرابع : اللِّباس بعينه ؛ قال تعالى :﴿يا بني آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً﴾ [الأعراف : ٢٦ ]. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٣ صـ ٣٠٨﴾
سؤال : لماذا وحد اللباس بعد قوله ﴿هُنَّ﴾ ؟