الجواب : إنما قال تعالى :﴿فإني قريب﴾ ولم يقل : فقل لهم إني قريب إيجازاً لظهوره من قوله :﴿وإذا سألك عبادي عني﴾، وتنبيهاً على أن السؤال مفروض غير واقع منهم بالفعل، وفيه لطيفة قرآنية وهي إيهام أن الله تعالى تولَّى جوابهم عن سؤالهم بنفسه إذ حذف في اللفظ ما يدل على وساطة النبي ﷺ تنبيهاً على شدة قرب العبد من ربه في مقام الدعاء. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ١٧٩﴾
قوله تعالى :﴿أجيب دعوة الداعِ إذا دعانِ ﴾
قال الماوردى :
وفي قوله تعالى :﴿أجيب دعوة الداعِ إذا دعانِ﴾ تأويلان :
أحدهما : معناه أسمع دعوة الداعي إذا دعاني، فعبر عن السماع بالإجابة، لأن السماع مقدمة الإجابة.
والثاني : أنه أراد إجابة الداعي إلى ما سأل، ولا يخلو سؤال الداعي أن يكون موافقاً للمصلحة أو مخالفاً لها، فإن كان مخالفاً للمصلحة لم تجز الإجابة إليه، وإن كان موافقاً للمصلحة، فلا يخلو حال الداعي من أحد أمرين : إما أن يكون مستكملاً شروط الطلب أو مقصوراً فيها :
فإن استكملها جازت إجابته، وفي وجوبها قولان :
أحدهما : أنها واجبة لأنها تجري مجرى ثواب الأعمال، لأن الدعاء عبادة ثوابها الإجابة.
والثاني : أنها غير واجبة لأنها رغبة وطلب، فصارت الإجابة إليها تفضلاً.
وإن كان مقصوراً في شروط الطلب لم تجب إجابته، وفي جوازها قولان :
أحدهما : لا تجوز، وهو قول من أوجبها مع استكمال شروطها.
والثاني : تجوز، وهو قول من لم يوجبها مع استكمال شروطها.
أهـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٢٤٣﴾
إشكال وجوابه
قال الفخر :
في الآية سؤال مشكل مشهور، وهو أنه تعالى قال :﴿ادعونى أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر : ٦٠] وقال في هذه الآية :﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع إِذَا دَعَانِ﴾ وكذلك ﴿أَمَّن يُجِيبُ المضطر إِذَا دَعَاهُ﴾ [النمل : ٦٢] ثم إنا نرى الداعي يبالغ في الدعاء والتضرع فلا يجاب.