عليه قوله تعالى :﴿وَقَالَ رَبُّكُمْ ادعونى أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الذين يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ﴾ [غافر : ٦٠] فظهر أن الدعاء ههنا هو العبادة، وإذا ثبت هذا فإجابة الله تعالى للدعاء بهذا التفسير عبارة عن الوفاء بما ضمن للمطيعين من الثواب كما قال :﴿وَيَسْتَجِيبُ الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَيَزِيدُهُم مِن فَضْلِهِ﴾ [الشورى : ٢٦] وعلى هذا الوجه الإشكال زائل
ورابعها : أن يفسر الدعاء بطلب العبد من ربه حوائجه فالسؤال المذكور إن كان متوجهاً على هذا التفسير لم يكن متوجهاً على التفسيرات الثلاثة المتقدمة، فثبت أن الإشكال زائل. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ٨٦﴾
وقال الآلوسى :
﴿ أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع إِذَا دَعَانِ﴾ دليل للقرب وتقرير له فالقطع لكمال الاتصال، وفيه وعد الداعي بالإجابة في الجملة على ما تشير إليه كلمة ﴿إِذَا﴾ لا كلياً فلا حاجة إلى التقييد بالمشيئة المؤذن به قوله تعالى في آية أخرى :﴿فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء﴾ [الأنعام : ١ ٤] ولا إلى أن القول بأن إجابة الدعوة غير قضاء الحاجة لأنها قوله سبحانه وتعالى : لبيك يا عبدي وهو موعود موجود لكل مؤمن يدعو ولا إلى تخصيص الدعوة بما ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، أو الداعي بالمطيع المخبت. نعم كونه كذلك أرجى للإجابة لا سيما في الأزمنة المخصوصة والأمكنة المعلومة والكيفية المشهورة، ومع هذا قد تتخلف الإجابة مطلقاً وقد تتخلف إلى بدل، ففي الصحيح عن أبي سعيد قال : قال رسول الله ﷺ :" ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله تبارك وتعالى إحدى ثلاث إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخر له وإما أن يكف عنه من السوء مثلها " وسيأتي تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ٨٦﴾